تعليم غبطة البطريرك ساكو 12 – العائلة المسيحية والتحديات الحالية

غبطة بطريرك بابل للكلدان الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو

المرأة والرجل، من جبلة واحدة، مهما إختلفت المظاهر، وتنوعت الوظائف. للمرأة قيمةٌ كبيرة، فهي اكتمالُ الإنسان، والاثنان يصيران واحداً (تكوين 2/ 24). الى هذه الوحدة يعود يسوع ليؤكد ان الزواج واحد، رجل وأمرأة.

الزواج: دعوة ومسؤولية

حياة الانسان من طبعها اخذ وعطاء. وفي قمّة هذا "الاخذ والعطاء" يأتي الحب بين الرجل والمرأة. للانسان وحده المقدرة على الحب (في الحيوان غريزة). ولما يكون هذا الحب قائماً، يرى كل من الشريكين، الشريك الآخر وكأنه غير محدود بحيث يعطي ذاته له بصورة غير مشروطة.  

ان نزعة الانسان الى الحياة الزوجية، نزعة طبيعية فيها يختار الرجل شريكته، وتختار هي شريكها في سبيل خلق شركة وشراكة وتصير العلاقة الجنسية sexuality  بالتالي صفة الخلق والخلاص: “انموا واكثروا” (تكوين 1/ 28).

العلاقة الجنسية الشرعية علاقة مقدسة لتبادل "غيرية" الأشخاص. مع الجنس يظهر نور يميز الأشخاص. الجنس علاقة التشابه في الاختلاف. ثنائية منفتحة على الوحدة، لكنها تشهد لغيرية جوهرية عند أشخاص معمولين ليتحدوا أولا معنوياً ثم جسديًا: "لنخلق الإنسان على صورتنا ومثالنا". ففي البدء يوجد آخرون. والحبّ البشري العميق يُعاش من قبل الزوج والزوجة كأبوّة وأمومة اكثر فاكثر وعيًا ومسؤولية "عظيم سر الحب" (أفسس 5/ 32). والتأكيد على هذا التشابه في الاختلاف هو آدم الصارخ أمام حوّاء "هذا عظم من عظامي ولحم من لحمي" (تكوين 2/ 23). من دون هذا حجر الأساس، يكون البيت – الزواج مبنياً على الرمل.

الزواج سرٌّ مقدس

الزواج سرٌّ من أسرار الكنيسة. سر مقدس يعطي نعماً خاصة ليكون الاثنان جسدًا واحدًا بالرغم من تعدد الأدوار وتقاسم المسؤوليات. الزواج دعوة لتأسيس اسرة، وليس كلّ واحد قادر على ذلك، بالرغم من ان الزواج "سُنَّة الحياة"، اي هو من صلب الطبيعة البشرية. الزواج يعني ان الرجل والمرأة، خلق كل منهما من أجل الآخر، ليكونا سعيدين بوجودهما معاً ويؤسّسا عائلة سعيدة.

في المسيحية علاقة الزوجين مشبهّة بالعلاقة المتبادلة بين المسيح والكنيسة. فالزواج المسيحي ليس مجرد علاقة انسانية – طبيعية عابرة، بل عهد حبّ وشركة والتزام مدى الحياة. الزواج امتداد لسرّ الخلق، لسرّ الحب والشركة والعطاء المتبادل بين أشخاص، وليس ملكية. انه رباط روحي وشركة مقدسة كما يؤكد بولس في الرسالة الى أفسس (5/ 22- 25). انه شركة مقدسة بين شخصين متكاملين: الرجل بقوته ورجولته ورزانته وحكمته والمرأة برقتها ونعومتها وعاطفتها. الاثنان (الواحد) يغذيان هذه الشركة ويعمّقانها خصوصاً عندما يولد طفل هو ثمرة حبهما. هذا الحب يتطلب حضوراً واقتساماً والتزاماً وتناغماً وتعهداً بالعيش في الأمانة: في الصحة والمرض والفقر والغنى والنجاح والفشل.

العائلة المسيحية

مثال العائلة المسيحية هو العائلة المقدسة، فالعائلة المسيحية كنيسة مصغرة، ومدرسة صغيرة. فيها نتعلّم أن نعيش مع بعضنا البعض قيم المحبة والاحترام والانسجام والتضامن والتعاون وإكرام الوالدين، واحترام الآخرين. ووصايا الله ووصايا الكنيسة كقاعدة أخلاقية للسلوك المستقيم.

في العائلة تعلمنا الصلاة قبل الطعام والنوم وعند النهوض. ومعها ذهبنا الى الكنيسة أيام الآحاد والأعياد،

هذه القيم الانسانية والدينية هي التي تحافظ على تماسك العائلة ووحدتها وديمومتها، لذا ينبغي الاهتمام بسعادتها وصحتها وسمعتها.

العائلة المسيحية العراقية عموماً ملتزمة، وفي المجتمع العراقي المسلم الذي يجيز تعدد الزوجات هي مثال “نور ورجاء”، والخلية الأساسية للكنيسة وللمجتمع.

قضايا بطلان الزواج

بطلان الزواج في الكثير من الأحيان كذبة كبيرة. البطلان هو الإعلان ان الزواج فاقد لمقوماته من الاساس: الإرادة (عندما يكون إكراه مادي او نفسي)، والمعرفة (الكذب على الشريك)، والقدرة على العلاقة الزوجية (عدم التكامل الجسدي) …

هذا المقال نُشر على موقع بطريركيّة بابل للكلدان، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

كيف نجعل ليتورجيا عيد ميلاد المسيح مثمرة؟

Next
Next

تعليم غبطة البطريرك ساكو 11 – الحياة والموت