السينودس في الكنائس الشرقيّة والسينودالية (المجمّعية) في الكنيسة الجامعة

1.PNG

غبطة البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو

تتأهب الكنيسة الكاثوليكية عشية الدعوة التي وجهها البابا فرنسيس الى سينودس الأساقفة الكاثوليك 2023، لاكتشاف طريق السينودسية (المجمّعية) من أجل تغيير شخصي وجماعي لشعب الله.

الكنيسة بطبيعتها مجمعية، وليست فقط هيئة مؤسساتية وقانونية. انها قبل كل شيء”ملكوت المسيح الحاضر سرياً” (المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور العقائدي نور الأمم ، عدد 3) في القائم من بين الأموات، والفاعل بين الذين يؤمنون به. المسيح هو أساس وجودها. وهو الرأس والمركز في كل نشاطاتها. هذا الحضور يؤمّنه الروح القدس المُعطَى للكنيسة الناشئة في يوم الخمسين (العنصرة) ليرافقها في رسالتها و”يزوّدها بالعديد من المواهب التراتبية والكاريزمية التي يوجهها بها” (الدستور العقائدي نور الأمم، رقم 4). هذا ما يؤكده الانجيلي يوحنا “وعندما يأتي روح الحق، يرشدكم إلى الحقيقة كلها” (يوحنا 16/13).

الكنيسة تُنمّي العلاقات والشركة والشراكة. وتربّي على القيم والأخلاق الروحية والانسانية والوطنية وتجسِّدها في كل مراحل الحياة البشرية المختلفة بمسؤولية وحزم على الرغم من الصعوبات.

لا يمكن للكنيسة أن تكون جامدة وراكدة، عليها ان تبقى حرّة وتتحرك حيث “يهب الروح” (يوحنا 3/8) وتجدد نفسها وتمشي. في الإنجيل المسيح يمشي، والرسل يمشون. هذه ملاحظة مهمّة ومؤثرة. فالكنيسة تمشي ولا تتوقف. ودعوة البابا فرنسيس هذه علامة واضحة.

خبرة الكنائس الشرقية

 سينودس الكنائس الشرقية بنية أساسية تعود الى القرون الأولى، وتتميز بممارسة عملها في السينودس تحت سلطة البطريرك بصفته رئيس وأب كنيسته. وكلمة “سينودس” تعني: العمل معاً كفريق واحد، وهو التعبير الأمثل عن وحدة الكنيسة.

يوجد لدى الكنائس الشرقية، سينودس دائم استشاري، مكون من 4 أساقفة والبطريرك. يجتمع عدة مرات في السنة (ق 115/1)، فضلاً عن سينودس عام الذي ينعقد مرة في السنة أو عند الحاجة.

 السينودس علامة صحية وطبيعية لمسؤولية الأساقفة المشتركة مع البطريرك. فهو يعزّز مركزية الكنيسة، ويقوّي روابط الأبرشيات مع الكرسي البطريركي، وتحت رعاية البطريرك، ومع بعضهم البعض باحترام التنوع في الوحدة.

يُصدر السينودس قوانين وقرارات مناسبة لإدارة الكنيسة مثل اختيار أساقفة بخصائص معينة (الشخص المناسب في المكان المناسب)، والطقوس وسُبل الخدمة الرعوية والتعليمية لتلبية احتياجات الناس والتغيرات الثقافية والاجتماعية في كل زمان. انه اهتمام رسولي بـ “التجديد والإصلاح” ينبع من وحي “الروح القدس”.

السينودسية في الكنيسة الجامعة

 هي سمة واستراتيجية متميزة لمسيرة الكنيسة الجامعة كلها، مع خليفة بطرس. الكنيسة تتصرف كشعب الله على الرغم من التنوع الكبير فيها، بهدف تكوين الجماعة المسيحية الواحدة.

على الرغم من التنوع الكبير الذي تشكله الكنيسة الكاثوليكية، فإنها تعمل بشكل جماعي، من أجل تنشئة المجتمع المسيحي وتدريبه بحكمة وعناية، مع إيلاء اهتمام خاص للأجيال القادمة والسماح لكل مؤمن أن يعيش إيمانه الآن وهنا، ينشر الحب والأمل حيث يكون.

الوحدة لا تعني التوحيد. يجب الاعتراف بأن العالم والمجتمع يتغيران باستمرار! التجديد حاجة يجب القيام بها من أجل بناء المسيحيين ليكونوا شهوداً للمسيح القائم من بين الأموات.

دعوة البابا فرنسيس فرصة لتهيئة مسار الكنيسة الجامعة في السينودس (المجمّعية)، على كافة المستويات: في الرعية، والأبرشية، والمجالس الاُسقفية، ثم على مستوى الكنيسة الجامعة.

نأمل أن يكون سينودس سنة 2023 فرصة للتفكير بشكل ملموس في الإرشادات الرعوية والبرامج اللاهوتية والمشاريع الإدارية، بدءاً من المواقف الملموسة التي تعيش فيها الكنيسة وتعمل فيها لتغدو هذه القرارات ملائمة للوضع الحالي وقابلة للتطبيق …

هذا المقال نُشر على موقع بطريركيّة بابل للكلدان، لقراءة المزيد اضغط هنا.

Previous
Previous

الحوارُ سُنّةُ الحياة

Next
Next

العيش المشترك في العراق كان مشرقًا، فلنعد إليه