الإعلام دعوة في خضمّ عاصفة كورونا
مديرة قسم البرامج في قناة تيلي لوميار ونورسات ماري تيريز كريدي: الإعلام اليوم هو صوت الكنيسة وأمل أبناء البيعة
عام وأكثر وفيروس كورونا كوفيد 19 يفتك في كلّ أنحاء العالم ويفرض ظروفًا إستثنائيّة وحجرًا صحيًا لم تسلم منه دور العبادة والكنائس، فكان لها حصّة كبيرة من الإجراءات القسرية والوقائية المفروضة في العالم والشرق الأوسط.
وللتخفيف من انتشار الفيروس إقفلت أبواب الكنائس أمام المؤمنين الّذين أصبحوا بأمسّ الحاجة إلى الرّعاية الروحيّة والمرافقة الدينيّة، وذلك خلال الإغلاق التام الّذي جاء أيضًا في مواسم الأعياد اللّيتورجيّة الكبيرة. لكن هذا الفيروس المجهري لم ينل من إيمان الناس، خصوصًا وأنّ الإعلام، لا سيّما الديني، لعب دورًا أساس في مساعدة المؤمنين على الحفاظ على علاقتهم مع الله وأتاح لهم الفرصة بالمشاركة من منازلهم في كلّ الرتب الدينيّة.
إذًا كيف يتجسّد دور الإعلام هنا؟ وكيف يساند المؤمنين ويرافقهم في هذه الظّروف العصيبة؟ وهل تفاعل الجمهور إيجابيّ على ضوء ما تقدّمه هذه الوسائل الإعلاميّة؟ أسئلة عدّة تجيب عليها مديرة قسم البرامج في محطّة تيلي لوميار ونورسات السيّدة ماري تيريز كريدي، وتضيء على مهام الإعلام ورسالته في هذه الأوقات الصّعبة، عارضةً أبرز الموادّ والبرامج الّتي تقدّمها قناة نورسات.
بدايةً، شدّدت السيّدة ماري تيريز على الأضرار الكبيرة النّاجمة عن فيروس كورونا في شتّى المجالات، حيث توقّفت الإحتفالات الدينيّة في كلّ أنحاء العالم و"وجد النّاس أنفسهم أمام أبواب مقفلة وساحات ممنوعٌ عليهم دخولها وهم في خضمّ الحاجة إلى الأديان". واستذكرت معنا أنّه "للمرّة الأولى في التاريخ كانت ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان خالية، وأُغلقت كنيسة المهد أبوابها وكذلك فعلت معظم الكنائس في البلدان الّتي اتّخذت إجراءات متشدّدة لمواجهة الجائحة".
دور الإعلام اليوم
أمّا بالنّسبة لدور الإعلام فكان في خدمة رؤساء الأديان في العالم، حيث "لجأوا إليه ليكون منبرًا وصوتًا لهم وأداتهم الوحيدة للتواصل مع أتباعهم، علمًا أن عددًا كبيرًا من الديانات السماويّة في لبنان والعالم يملك وسائل الإعلام والتواصل الخاصّة به، ويستخدمها منذ زمن بعيد". من هنا وصفت كريدي أنّ "لجوء الأديان إلى مختلف وسائل التواصل الإعلامي من تقليديّة وحديثة شكّل ظاهرة أصبحت أشبه بإمتداد للأديان ورسالتها للتواصل مع جمهور المؤمنين أينما كانوا".
وخلال مدّة الإقفال العامّ وملازمة المنازل خلال الحجر الصحيّ برز، بحسب السيّدة ماري تيريز، دور كبير لوسائل الإعلام الدينيّة في مرافقة المؤمنين. إذْ حوّلت هذه الوسائل "برامجها على الشّاشات وعبر مواقع التواصل الإجتماعي لتواكب الجمهور في مختلف توجّهاته، وإهتمّت بالبرامج الروحيّة الّتي تبثّ الرّجاء والإيمان والثّقة بالعناية الإلهيّة"، كما "مرافقة المرضى والمصابين وعائلاتهم يوميًّا من خلال الصّلوات ونقل الرتب الكنسيّة من مختلف أنحاء العالم".
لكن كريدي رأت أنّ "لا شيء يحلّ مكان الكنيسة واللّقاء المباشر مع جماعة المؤمنين والإكليروس والجماعة، إلّا أنّ الظّروف الصحيّة أدّت إلى اتّخاذ إجراءات صارمة وجد البعض صعوبة في تقبّلها". وشرحت هنا أهميّة دور الإعلام الديني أيضًا "في أن يكون مساحة للحوار بين الكنيسة والرّعايا، والإجابة على مختلف التساؤلات والمخاوف، وبشكل خاصّ ليكون منبرًا للتواصل والإصغاء من خلال إستخدام كلّ الوسائل التقنيّة المتاحة لديه".
تابعت ماري تيريز حديثها مؤكّدةً على أنّ "لا شكّ من أنّ وسائل الإعلام الدينيّة هي خير أداة للسّلام في خضمّ الأزمات"، ويتجلّى دورها "بشكل كبير في حضورها الحيّ إلى جانب جمهور واسع ينتشر في مختلف أصقاع الأرض". واستشهدت بالدراسات الّتي أظهرت الدور المحوريّ لوسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي كالفيسبوك وبعض التطبيقات، "في مساعدة الأفراد والجماعات على تخطّي هذه الأزمة بأقلّ أضرار نفسيّة ومعنويّة وحتّى جسديّة من خلال المرافقة والتوعية". كما "برز بشكل كبير دور وسائل التواصل الإجتماعي في دعم رسالة وسائل الإعلام الدينيّة التقليديّة والتواصل مع جمهور واسع الإنتشار"، على حدّ تعبيرها.
تيلي لوميار ونورسات في مواجهة فيروس كورونا
من جهّة ثانية، تطرّقت السيّدة ماري تيريز، إلى الموادّ والبرامج الخاصّة الّتي عملت عليها القناة في إطار مواجهة فيروس كورونا والظّروف الصّعبة الّتي فرضت على الجميع. إذْ، أفادت أنّ القناة تقوم بتعديلات كبيرة في برامجها خلال فترة الإغلاق العامّ. و"بناء على توصيات الكنائس والمرجعيّات الروحيّة كافّة، وعلى طلب المشاهدين، تخصّص مساحة كبيرة من بثّها للرّتب الدينيّة المباشرة، كالقدّاس اليوميّ، والمسبحة الورديّة اليوميّة مباشرة من الصّرح البطريركي الماروني في بكركي- لبنان، حيث يقدّم غبطة الكاردينال المارونيّ مار بشارة بطرس الراعي الصّلاة اليوميّة على نيّة شفاء لبنان والعالم من وباء كورونا". علمًا أنّه يتمّ أيضًا "نقل هذه الصّلاة عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصّة بقناة تيلي لوميار ونورسات".
في هذا السياق، أضافت كريدي أنّ نورسات خصّصت كذلك الأمر"عددًا كبيرًا من البرامج الحواريّة المباشرة الّتي تتيح للمشاهدين المشاركة والتواصل عبر الشّاشة وعبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصّة بها". كما شكّلت "منبرًا للجمعيّات الإنسانيّة والدينيّة والإجتماعيّة وكلّ من يمكنه أن يمدّ يد العون إلى أي محتاج، ليطلّ عبرها و يتواصل مع المشاهدين". علاوةً على ذلك، قامت القناة بحملات صلاة من أجل المسعفين والطواقم الطبيّة الّذين يواجهون الوباء ويستمرّون برسالتهم على الرّغم من الخطر الّذي يحيط بهم. "دون أن ننسى البرامج الوثائقيّة المتنوّعة والأفلام الدينيّة الّتي تلقى رواجًا كبيرًا لدى الجمهور".
أمّا الإنتاج الديني فقد ارتفعت نسبته، بحسب ماري تيريز، مع فرض الحجر الصحيّ، وتطلّب بذل المعنيّين جهودهم حيث "تنوّعوا بين إكليروس ورجال دين، مرنّمين، كتّاب وملحّنين، وزادت الترانيم الّتي تتضرّع إلى الله و تترجّى معجزة، والأناشيد الّتي تشدّ من عزيمة الشّعب وتحثّهم على عدم الخوف".
ووفق إحصاء لمحطة تيلي لوميار نورسات، وفق كريدي، فإنّ إنتاج البرامج والترانيم واللّيتورجيّات الدينيّة الخاصّة لفترة هذا الحجر قد ارتفع بنسبة 60% حيث تمحور حول "ومضات مصوّرة تحمل رسائل توعويّة، صحيّة وروحيّة، وتقارير مصوّرة تتناول عددًا منها الإجراءات الوقائيّة في الكنائس وكيفيّة التواصل مع المؤمنين وغيرها من المواضيع". كما تضمّن هذا الإنتاج "النقل المباشر للاحتفالات الدينيّة وأهمّها القدّاس من خلال صفحات الفيسبوك الخاصّة بالرّعايا، وترانيم مصوّرة تحمل معاني إنسانيّة ورسائل روحيّة تقدّم الدعم المعنويّ للمشاهدين في محنتهم وعزلتهم".
أمّا بالنّسبة لدور التوعية الإعلاميّة الطبيّة أضافت مديرة البرامج في نورسات أنّه شكّل "دعامة أساسيّة لتوفير المعلومات للجمهور وإطلاعه على الإرشادات الوقائيّة والإجراءات، وبثّ الوعي والإنتباه لدى الناس من ناحية إطلاق الحملات الإعلاميّة المبرمجة والبرامج الحواريّة مع الأطبّاء والمتخصّصين، والتعاون مع الوزارات المعنيّة".
في ختام حديثها المفعم بالأمل أشارت كريدي الى أنّ المرحلة الرّاهنة صعبة، وأزمة كورونا "تركت أثارًا وآلامًا لدى الكثيرين. والمنطقة تشهد تحدّيات عدّة، حيث زادت الجائحة من آلام وأوجاع شعوبها لذا فالرجاء الوحيد يبقى في التمسّك بالإيمان والثّقة بأنّ عين الله ساهرة علينا". أمّا بالنّسبة للكنائس والمؤمنين "فرأينا جهوزيّتهم ولمسنا إندفاعهم للمساعدة والتعاون والوقوف إلى جانب المرضى وعائلاتهم، و كل من فقد قريبًا أو عزيزًا، وندرك أنّ هذا الشرق رغم آلامه يبقى رسالة رجاء إلى كلّ العالم!".
دائرة التواصل والعلاقات العامة