مصر نموذج حيّ للأخوّة الإنسانيّة
مسؤول الكنيسة القبطيّة في لبنان الأب تيمون السرياني: لم تكن المحبّة وقبول الآخر والعيش المشترك تعابير تدوّنها الكتب والمعاهدات، إنّما هي بصمات حيّة طبعها التاريخ على جبين هذا الوطن…
صحيح أنّ الحروب والنّزاعات سيطرت على الشّرق الأوسط وأثقلت كاهله، الّا أنّ بصيص أمل بغد أفضل يتجلّى في مشاهد عدّة. ففي مصر مثلًا اختبر المواطنون التعايش الأخويّ والإنسانيّ بين المسيحيّين والمسلمين منذ عقود عدّة. وهذا ما سلّط الضوء عليه المسؤول عن الكنيسة القبطيّة في لبنان الأب تيمون السرياني في حديث مع دائرة التواصل والعلاقات العامة في مجلس كنائس الشرق الأوسط.
إنطلاقًا من مقوّمات وثيقة الأخوّة الإنسانيّة الّتي تشدّد على الإيمان بإله واحد خالق الجميع وبدعوة المؤمنين للتعبير عن الإخاء الإنسانيّ من خلال الإعتناء بالخليقة وعناصر الكون ومساعدة المحتاجين والضّعفاء... أشار الأب تيمون السرياني أنّه عاش "أكثر من نصف قرن على تراب مصر"، ويشهد بأنّها "دولة شكّلت نموذجًا مميّزًا عن الحياة القبطيّة القويّة عبر تراثها الفرعونيّ القبطيّ الأصيل، حيث عرفت الإسلام وشهدت على الأخوّة المشتركة لتحيا مصر القبطيّة الإسلاميّة منذ القرن السابع الميلاديّ".
وتابع الأب تيمون مشدّدًا على هذه الملامح الثابتة الّتي سجّلها تاريخ مصر كالحياة المشتركة والأخوّة الإنسانيّة السلميّة بين الأقباط والمسلمين مضيفًا "لم تكن المحبّة وقبول الآخر والعيش المشترك تعابير تدوّنها الكتب والمعاهدات، إنّما هي بصمات حيّة طبعها التاريخ على جبين هذا الوطن بدم الشّهداء وردّدتها الألحان والصّلوات في كلّ الكنائس، وشهدت لها مآذن الصّلاة للإله الواحد الّذي نعبده جميعًا".
إذْ، لم ينجح الاٍرهاب الديني ولا عصابات الإسلام السياسي، وفق ما أشار الأب تيمون، أن "يهزّ عرين أسد مارمرقس الرّسول مؤسّس الكنيسة القبطيّة، إنّما تجاوزنا محاربات العدوّ كافّة وجنوده الرديئة من خلال روح المحبّة والإيمان والأخوّة، كي نقدّم مَذْبَحا حقيقيًّا لله، يحبّ بلا تفرقة، يضحّي بلا تخاذل، يعيش كامل الأخوّة... لتبقى مصر القبطيّة متلألأةً في تاريخ الأرض منذ أن عاش فيها يسوع المسيح وعائلته المقدّسة في بداية العهد الجديد لينعش نبوّة العهد القديم، "من مصر دعوت ابني".
وأضاف السرياني شارحًا، أنّ معظم عناوين القيم المشتركة لعمل الأخوّة والواردة بالوثيقة كالحريّة والعدل والرّحمة والأخلاق والتربية العائليّة الصّالحة وعدم استخدام الدين في بثّ الكراهيّة والعنف والتطرّف وحماية دور العبادة... تحتاج إلى إيمان حقيقيّ وممارسة أمينة نقيّة خالصة تتعاون فيها حكومات الدول الّتي تضمّ المجتمعات المختلطة. إذَا "مسؤوليّة تغيير حياة الشّعوب لم تعد هدفًا دينيًّا بل تكمن أيضًا في تعاليم المدرسة والجامعة والعائلة والإعلام والثّقافة وكلّ عناصر المجتمع...".
أمّا مصر فكانت وستبقى بحسب الأب تيمون "نموذجًا متفرّدًا في عيش هذه الأفكار المدرجة بالوثيقة، حيث عملت عليها وبرهنت على نجاح تطبيقها عبر تاريخها، لتعبر كلّ الأزمات الّتي واجهتها عبر العقود...". كما "شهدت مصر بنموذجها القبطيّ المصريّ انتصارًا على الشرّ والعدائيّة والقتل والتدمير الّتي أرادت دول وجماعات عدّة تصديرها لبلادنا، لكن عطيّة الله متجسّدة في رئيس مصريّ عظيم يؤمن ويخاف الله ويحبّ مصر وشعبها، وفي أب واع وبطريرك متميّز للأقباط في مصر وبلاد المهجر، حيث يسعيان إلى بناء مستقبل واعد وسليم لمصر وللأجيال الجديدة".
وفي نهاية حديثه، قدّم الأب تيمون مثلًا عن هذه الأخوّة والعيش المشترك مستذكرًا معنا زيارة رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة في الفاتيكان الكاردينال ليوناردو ساندري إلى القاهرة، مصر في آذار/ مارس 2019، حيث صرّح في ختام زيارته مطران أسيوط للأقباط الكاثوليك الأنبا كيرلّس وليم بأنّ "وجود 3 رجال على رأس المؤسّسات الدينيّة في العالم: قداسة البابا فرانسيس في الفاتيكان، قداسة البابا تواضروس الثاني في الكرسيّ المرقسيّ للكنيسة القبطيّة، والإمام أحمد الطيّب في الجامع الأزهر... يدفع إلى حوارات المحبّة الحقيقيّة لا سيّما مع وجود الرئيس السيسي على رأس السلطة في مصر والّذي نجح في تطوير التعايش السلميّ".
دائرة التواصل والعلاقات العامة