مجلس كنائس الشرق الأوسط: تاريخ مسكونيّ ومنبر للوحدة والشّهادة والخدمة

ماذا جرى في اجتماعه التأسيسي الأوّل بين 28 و30 أيار/مايو 1974 ؟ (1)

606c7dcc-955b-4682-ac66-c54647d90863.jfif

إعداد إيليا نصرللّه

add2455a-fdec-40db-99d1-93a213aab81a.jfif

وسط تقلّبات وأزمات جمّة وعلى مختلف الصّعد، شهد الشرق الأوسط عام 1974 بداية مرحلة مسيحيّة جديدة مفعمة بالمساعي والمفاوضات من أجل توحيد صوت الكنيسة تحت راية واحدة تجمع كلّ كنائس المشرق في إطار رسالة مسكونيّة جامعة تدعو إلى قبول الآخر والحفاظ على التنوّع في الإختلاف، الّذي تمتاز به كلّ عائلة كنسيّة، علّ الجهود هذه تبثّ جوًّا من السّلم والمحبّة والأخوّة والتعاون... الّتي لطالما عطش إليها المشرقيّون.

وهكذا بزغ فجر عهد جديد في كنائس الشرق الأوسط وافتتح فصل جديد في تاريخ الكنيسة المشرقيّة، تُوجّ في الإجتماع التأسيسي لمجلس كنائس الشرق الأوسط في نيقوسيا – قبرص بين 28 و30 أيار/ مايو العام 1974. شارك فيه مندوبون يمثّلون أكثر من ستة ملايين ونصف المليون مسيحيّ ينتمون إلى مختلف الكنائس الشرقيّة، الأرثوذكسيّة الخلقيدونيّة، والشرقيّة الأرثوذكسيّة غير الخلقيدونيّة والإنجيليّة والأسقفيّة؛ حيث اقترعوا جميعًا لتشكيل مجلس إقليمي للشّهادة المشتركة والخدمة في هذا الجزء من العالم، وذلك عقب مفاوضات عدّة استمرّت على مدى عشر سنوات من جانب مجمع الكنائس في الشرق الأدنى السّابق.

2.jfif

 

التأسيس: خطوة مسكونيّة جبّارة

55da936c-73a5-489a-9be6-3ba5971aecb1.jfif

حمل الإجتماع التأسيسي عنوان "حاضر رسالتنا المسيحيّة المشتركة في الشرق الأوسط"، حيث أكّد جميع الخطباء بأنّ تكوين المجلس يشكّل خطوة مسكونيّة جبّارة. خلاله، انتُخبت لجنة تنفيذيّة من 15 عضوًا لتوجيه أعمال المجلس وخدماته خلال فترة انتقاليّة تقدّر مدّتها بإثني عشر إلى ثمانية عشر شهرًا. أمّا رؤساء هذه اللّجنة فكانوا القسّ هوفانس أهارونيان الّذي كان رئيس كليّة اللّاهوت في الشرق الأدنى في بيروت وممثّل الرابطة الإنجيليّة الأرمنيّة، ثمّ المطران اغناطيوس هزيم من بطريركيّة أنطاكيا للروم الأرثوذكس والمطران صموئيل من البطريركيّة القبطيّة الأرثوذكسيّة في الإسكندريّة. وقد انتُخب ألبرت ستيرو أمينًا عامًّا لمجلس الكنائس في شكله الجديد.

عمليًّا، تمّ الاتّفاق على بذل الجهود من أجل تنفيذ مشاريع مستقبليّة لمجلس كنائس الشرق الأوسط تنبثق من دوائر التربية المسيحيّة، الحوار والشّهادة، الخدمات الكنسيّة والإنمائيّة، التأليف والنشر، والإذاعة – المندمجة مع إذاعة صوت الإنجيل في أديس أبابا، أثيوبيا زمع شركة إذاعة قبرص، إضافةً إلى وحدة لخدمة اللّاجئين الفلسطينيّين تتضمّن دائرة إعلام وتفسير للمشكلة الفلسطينيّة. من هنا تمّ تحديد مركز المكتب الرّئيس للمجلس ليكون في بيروت، لبنان، إلى جانب مكاتب في القاهرة - مصر ونيقوسيا - قبرص. أمّا اليوم فللمجلس مكاتب في معظم دول المنطقة من لبنان الى الأردن وسوريا وفلسطين وقبرص ومصر.

 

أمّا اللّجنة التحضيرّية التي ساهمت في عقد الإجتماع التأسيسي هذا فقد ضمّت أعضاء من مختلف العائلات الكنسيّة.  الخلقيدونيّون: أصحاب السيادة رئيس الأساقفة قسطنطين ميخائيليدس، المتروبوليت اغناطيوس هزيم والمتروبوليت برثنيوس. من غير الخلقيدونيّين: أصحاب السيادة الأنبا صموئيل، الأب أرام كيشيشيان والأب جورج صليبا. الإنجيليّون والأسقفيّون: أصحاب السيادة القسّ هوفانس أهارونيان، القسّ إبراهيم ملحم داغر والقسّ فايز فارس. إضافةً إلى السكرتيرين سيادة القسّ ألبرت ستيرو والسيّد كبريال حبيب.

de36d604-a03d-4a17-b484-22cc6b485c30.jfif

 تقرير اللّجنة التحضيريّة

6a52d43e-96b2-442a-a218-88e2e50c510b.jfif

هدف الإجتماع التأسيسي هذا إلى بدء مرحلة الإنتقال من البنيات المسكونيّة القديمة إلى الجديدة، حيث باشر في عمليّة الدمج بين مختلف دوائر مجلس الكنائس في الشرق الأدنى السّابق من جهّة وسائر الدوائر المسكونيّة المستقلّة والموقّتة من جهّة أخرى. وهذا ما عرضه تقرير اللّجنة التحضيريّة الّذي قدّمه السيّد كبريال حبيب، حيث أوضح أيضًا أنّ أكثر الترتيبات الّتي اقترحتها لجنة التخطيط تُعتبر خاصّة بها وبالتّالي تقع على اللّجنة التنفيذيّة مسؤوليّة وضعها في شكلها النهائيّ.

كما كشف التقرير أنّه يترتّب على البنيات المسكونيّة الجديدة أن تكون مرنة كي يتمكّن المسؤولون واللّجنة التنفيذيّة من معالجة التطوّر السّريع الّذي قد يطرأ في الأوضاع الكنسيّة والإجتماعيّة في الشرق الأوسط بشكل ملائم. لذا "يُنتظر أن يكون أسلوب العمل في المجلس الجديد أقلّ بيروقراطيّة وأكثر اتّكالًا على العلاقات الشخصيّة والعمل الجماعيّ".

ويبقى على هذه الهيئة الجديدة الّا تعتبر أنّ أولويّتها الوحيدة تكمن في القاسم المشترك بين الكنائس على مختلف الصّعد وحتّى الجغرافيّ-الإقليميّ، بل تعي أنّ واقع المجلس المؤلّف من عائلات كنسيّة مختلفة يتطلّب أن "تؤخذ فيه بعين الإعتبار الحاجات الخاصّة" لكلّ من هذه الكنائس كـ"الوحدة الشرقيّة، الوحدة الأنطاكيّة، الوحدة بين مختلف الكنائس الإنجيليّة..."؛ وأن تقوم بتشجيع الرّوح المسكونيّة والتعاون على الصّعيدين الوطني والمحلّيّ.

أيضًا، دعا التقرير إلى إعطاء إهتمام خاصّ للكنائس الكاثوليكيّة في عمليّة تنظيم البنيات والبرامج الجديدة في المجلس، لا سيّما وأنّ لجنة المفاوضات قد اعتبرت انّ التعاون مع الكنائس هذه يصبّ في الأولويّات المهمّة لمجلس كنائس الشرق الأوسط الجديد.

 

المرجع: كتيّب الإجتماع التأسيسي لمجلس كنائس الشرق الأوسط - “حاضر رسالتنا المسيحيّة المشتركة”

الصور: دائرة التواصل والعلاقات العامة - مجلس كنائس الشرق الأوسط


دائرة التواصل والعلاقات العامة

Previous
Previous

سقوط القسطنطينيّة: دروسٌ وعِبَر

Next
Next

ما هي المعاني الّتي يحملها شعار مجلس كنائس الشرق الأوسط؟