موسم الخليقة والكنيسة والبيئة

فيديو - كلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس في ختام "موسم الخليقة" 2022

إختتم مجلس كنائس الشرق الأوسط "موسم الخليقة" 2022 في خدمة صلاة مسكونيّة برعاية ورئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في كنيسة الصرح البطريركيّ في بكركي، لبنان، عشيّة عيد القدّيس فرنسيس الأسّيزي، يوم الإثنين 3 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2022. وكان للأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس كلمة بعنوان "موسم الخليقة والكنيسة والبيئة"، يمكنكم الإستماع إليها ومشاهدتها في الفيديو التالي.

د. ميشال عبس

أمين عام مجلس كنائس الشرق الاوسط

- غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك الكنيسة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة، راعي الإحتفال

-غبطة البطريرك رافايل بيدروس الواحد والعشرين ميناسيان، بطريرك الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة لبيت كيليكيا

- غبطة البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي

- سيادة المطران دانيال كورية، ممثلا قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم

اصحاب السيادة المطارنة والأساقفة والقسس والآباء الاجلاء

 

للسنة الثانية على التوالي، يأخذ مجلس كنائس الشرق الأوسط على عاتقه إدارة الاحتفالات بموسم الخليقة، التي تبدأ في اول أيلول وتنتهي في الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام.

موسم الخليقة صرخة الكنيسة في وجه من يعنّف البيئة ويستخف بسلامتها ويقوم بالإضرار بها إمّا عن غير اكتراث وانعدام مسؤوليّة أو عن جهل مطبق بأمور الطبيعة... أو الإثنين معًا... وكٍلا الأسباب قتّال.

لا تستطيع الكنيسة، التي تمجّد الخالق وتشكره على عطاياه في كلّ لحظة، أن تقف مكتوفة الأيدي صامتة أمام ما تتعرّض له خليقة الخالق، الهيكل الحياتي الذي جعله مسكننا ونبع رزقنا ووسيلة استمرارنا.

لا تستطيع الكنيسة أن تغض الطرف، بشكل تواطؤ، عن العنف الذي تمارسه الصناعة، غير المسؤولة اجتماعيًّا، هذه الصناعة التي كانت وراء إيقاف أكثر من اتفاق لحماية هبة الخالق. الكنيسة هي صوت الضمير الإنساني، في هذا المجال وفي مجالات كثيرة حيث قامت بدور الضامن للحق والعدالة. نحن في المجلس، نقوم باسم الكنائس مجتمعة ببعض العمل، وهي تقوم إفراديًّا بما تراه ضروريًّا في هذا المضمار.

ولكن الأذى الذي يصيب البيئة لا يأتي فقط من الصناعة، رغم أنّها المصدر الرئيس للتنكيل بالبيئة. هناك مجالات عديدة حيث يقوم الناس بأذيّة البيئة.

في المجال الزراعي، سوء تنظيم الزرع والحصاد، كما عدم الريّ بالشكل المناسب والعلمي، كما الحفر غير المدروس لبعض الأراضي، وغيرها من الممارسات التي تحمل أنانية ضارّة، كلّها تؤدي إلى الإضرار بوديعة الخالق.

أمّا المجال الذي من المتوقّع أن يؤدّي إلى أضرار جسيمة بالبيئة، فهي السدود غير المدروسة، أو المدروسة جدًا والمقصود منها الأذيّة، والتي يفرخ بعضها في الشرق الأوسط. إنّ النتيجة الحتميّة لهكذا مشاريع هي حرمان مناطق شاسعة من بلداننا في المشرق الأنطاكي ووادي النيل وبلدان المغرب العربي من كميّات المياه التي تحتاجها ممّا يؤدي إلى تراجع قدرات الإنتاج الزراعي لهذه المناطق وتاليًا الفقر وتهجير أهلها. إنّ التوقعات في هذا الصدد لا تبشّر بالخير ابدًا إذ إنّ أوضاعًا من هذا القبيل لا بدّ أن تؤدّي إلى نزاعات عرقيّة وإثنيّة ودينيّة.

التحدّي يبدو كبيرًا وقدراتنا في المجلس محدودة، ولكنّنا نقوم بما نستطيع القيام به لعلّ في ذلك قدوة صالحة لسائر فئات المجتمع.

لقد قمنا باحتفالات موسم الخليقة السنة الماضية على صعيد الوطن اللبناني، وكانت التجربة الأولى وكانت ناجحة. ثم انتقلنا هذه السنة إلى المدى الإقليمي، فأقمنا الإحتفالات – الدينية التوعوية طبعًا – في العديد من دول المنطقة وكانت تحت شعار "العليقة المشتعلة" نظرًا لكثرة الحرائق التي عمّت المعمورة والتي هي مؤشّر بيئة تتألّم والتي سوف يترتب عليها نتائج ليست لخير البشريّة المتمادية في غِيّها.

أمّا في السنة القادمة، فستشمل إحتفالاتنا كلّ البلدان التي فيها كنائس أعضاء في المجلس.

لقد بدأت الإحتفالات في لبنان في الثالث من أيلول مع الشبيبة، وكانت تجربة غنية وجميلة تركت أثارًا جيّدة عند المشتركين. ثمّ كان الإحتفال في مصر في الحادي عشر من أيلول في مجمع انافورا البيئي التابع للكنيسة القبطية الارثوذكسية، ثم كان احتفال دمشق في كنيسة الصليب المقدس بالتنسيق مع كنيسة الروم الأرثوذكس الانطاكية، ثم كان احتفال الأردن في الخامس والعشرين من أيلول في كنيسة الفادي الأسقفيّة العربية في جبل عمان، بالتنسيق مع الكنيسة الأسقفيّة في القدس والشرق الأوسط. وها قد أتينا اليوم نختتم موسم الخليقة في بكركي، في كنف الكنيسة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة.

هذا العمل، مثل كلّ أعمال المجلس، هو نتاج مجهود جماعي تشترك فيه دوائر المجلس كما سائر المؤسّسات الكنسية، لذلك لا بد من توجيه الشكر والتعبير عن الثناء لكلّ من ساهم في تحقيق هذا العمل وإنجاحه.

نوجّه الشكر أولًا للكنائس التي أشرفت على الإحتفالات في سائر مناطق الشرق الأوسط، كنيسة الإسكندريّة وكرسي الكرازة المرقسيّة للأقباط الأرثوذكس، كنيسة أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، الكنيسة الأسقفيّة في القدس والشرق الأوسط، وختامها الكنيسة الأنطاكية السريانيّة المارونيّة. الشكر طبعًا موصول لرعاتها وسائر العاملين فيها من الذين حملوا مشروع موسم الخليقة على مناكبهم وبذلوا أقصى الجهود لإنجاحه.

الشكر للشركاء الدوليين الذين يزودوننا كلّ عام بالنصوص ويعطون حرّية التصرّف في التعريب وجعل النصوص متوافقة مع ثقافتنا وطريقة عملنا.

الشكر ايضا لفريق عمل المجلس الزملاء الذين لم يستكينوا ولم يتراجعوا أمام أيّة صعوبات من أجل إنجاح هذا العمل. أخصّ هنا بالذكر وحدة العدالة البيئيّة التي تترأسها القسّ الدكتورة ريما نصرالله، ودائرة اللاهوت والعلاقات المسكونيّة التي يترأسها الأب البروفسور أنطوان الأحمر ودائرة التواصل والعلاقات العامة التي تترأسها الزميلة أوغيت سلامة. لهؤلاء الزملاء ومساعديهم في الدوائر كلّ التقدير. من البديهي أن كافة دوائر المجلس قد ساهمت في هذا العمل ولكن بنسب متفاوتة حسب الإختصاص.

الشكر موصول أيضا الى مؤسسة دانميشن التي تبنت هذا العمل ودعمته ماليا للسنة الثانية ايمانا منها بضرورته وفعاليته.

-        الشكر أيضًا ل:

-        جمعية أروشا ARocha Lebanon and ARocha International

-        الدفاع المدني اللبناني الممثل بمديره العام العميد ريمون خطار

-        منظمة المفوضية السامية للامم المتحدة لحقوق الانسان في لبنان الممثلة برئيسها الأستاذ علاء قعود

-        مجموعة لابورا والإتحاد الكاثوليكي للصحافة في لبنان الممثلين بالرئيس الأب طوني خضره

وللجمعيات الشبابية:

-        مكتب رعوية الشبيبة بكركي Bkerke Jeune

-        APECL Jeune

-        العمل الرعوي الجامعي Pastorale Universitaire

-         WSCF الإتحاد العالمي المسيحي للطلبة

-        ACUSA  الشبيبة الجامعية الأرمنية

-        كشاف لبنان – مجموعة مدرسة مار يوسف - عينطورة Group St Jospeh Aintoura

-        وكافة الشبيبات المشاركة من الكنائس الإنجيلية والأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة

الجوقات:

-        جوقة Kousan Male Choir - Hamazkayin  

-        الجوقة الكليّة القداسة الملكيّة Panayia

-        جوقة العمل الرعوي الجامعي

 

قبل أن أختم أقول لكلّ من شارك في تنفيذ هذا العمل وإنجاحه ولكلّ من ينوي الإشتراك معنا في حماية هبة الخالق، أكان عبر حملة موسم الخليقة أو عبر مشاريع أخرى سوف تنفذّها وحدة العدالة البيئية في المجلس، نقول لكم إنّ العمل كثير والفعلة كثيرون والمكان يتّسع لكلّ مؤمن بالخالق وبحماية هبته، لذلك أنتم على الرحب والسعة في أيّ شكل من أشكال المساهمة ونحن على العهد باقون.

حمى الرّب الخليقة من كلّ من يتربّص بها شرًّا ورسم لنا سواء السبيل في الحفاظ على ما اعطانا.

أمّا أفضل ما أختم به كلمتي فهي صلاة مار فرنسيس الأسيزي على أن نقرأها من منظور حماية البيئة والحفاظ عليها بقدر ما كان مار فرنسيس معني بها:

يـــا ربّ
إستعملنـــي لســـلامِــــكَ
فـــأضَـــعَ الحـــبَّ حيـــثُ البُغـــض
والمغفـــرَةَ حيــــثُ الإســـاءَة
والإتفــــاقَ حيــــثُ الخِــــلاف
والحقـيقــــةَ حيــــثُ الضـــــلال
والإيمـــــانَ حيــــثُ الشـــــك
والــــرجــــاءَ حيـــــثُ اليـــــأس
والنــــورَ حيــــثُ الظلمَــــة
والفــــرحَ حيـــــثُ الكــــآبـــــة
يـــــا ربّ إستعمِـلـنــــي لسَــــلامِـــــكَ

 

بكركي، الإثنين 3 تشرين الأول/أكتوبر 2022

Previous
Previous

معًا نتكاتف ونصلّي

Next
Next

مجلس كنائس الشرق الأوسط يختتم "موسم الخليقة" 2022 شرقًا