مجلس كنائس الشرق الأوسط: نحو الجمعيّة العامة الثانية عشرة
د. ميشال أ. عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
منذ أشهر تجري التحضيرات الإدارية والعملانية لانعقاد الجمعيّة العامة الثانية عشرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط بوتيرة ترتفع كلما اقتربنا من الإستحقاق، إذ تأتي هذه الجمعيّة بعد خمس سنوات وثمانية أشهر من الجمعيّة الحادية عشرة التي عقدت في عمان عام 2016. من نافلة القول أنّ التأخير ناتج عن الجائحة التي ما زالت تفتك بالبشريّة منذ سنوات ثلاثة.
الجدير بالذكر أنّ هذه الجمعيّة هي الأولى التي تعقد في مصر، بدعوة كريمة من قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسيّة للأقباط الأرثوذكس، وبدعم منه ومن القسّ الدكتور أندريه زكي، رئيس سينودوس النيل.
تنعقد هذه الجمعيّة تحت شعار "تشجّعوا! أنا هو لا تخافوا!" (متى 27:14) وقد اختيرت أيقونة من كتابة راهبات دير القديسة دميانة للكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة لكي ترافق شعار الجمعيّة العامة.
دوائر المجلس تقوم كلّ منها بعملها المعتاد إضافة إلى العمل الكبير الذي تستلزمه التحضيرات لجمعيّة عامة سوف تضمّ كلّ بطاركة الشرق وكلّ قيادات الكنائس، خصوصًا أنّ برنامج الجمعيّة غير تقليدي إذ تتخلّله نشاطات دينيّة - ثقافيّة تُعتَمد للمرّة الأولى في تاريخ الجمعيّات العامة للمجلس.
الجدير ذكره أنّ الكنيسة، على مختلف مسمّياتها، تقدم للمجلس كل ما يحتاجه من دعم وتسهيلات، فتأتي هذه المناسبة نتيجة شراكة حقيقيّة مفعمة محبة وعطاءً.
هذا من الناحية الإدارية والعملانية كما ذكرنا أعلاه.
أمّا من ناحية التطلّعات المستقبليّة كما النواحي الفكريّة والاستراتيجيّة والبرامجيّة، فإنّ هناك عملاً دؤوبًا يسير بالتوازي مع العمل الإداري والعملاني.
لقد حدّدت اللجنة التحضيريّة للجمعيّة العامة، وهي لجنة منبثقة عن اللجنة التنفيذيّة للمجلس، بالتنسيق مع فريق عمل المجلس، خمسة مجالات يجب التعامل معها:
1- الدياكونيا والخدمة الإجتماعيّة
2- التواصل والمناصرة
3- الشهادة المسيحيّة والعلاقات المسكونيّة
4- الحوار والتماسك والرأسمال الإجتماعي
5- التنمية المؤسّسيّة والإستدامة
لقد عمد مدراء الدوائر، بالتنسيق مع الأمانة العامة، إلى تأليف فرق عمل من أجل مناقشة هذه المواضيع وصولاً إلى صياغة ورقة عمل وجدول أعمال لكلّ موضوع يعتمد كأساس للمناقشة خلال الجمعيّة العامة التي يتوزع حينها المشاركون إلى فرق عمل حسب المواضيع الخمسة، كلّ بحسب اختصاصه.
عند نهاية المناقشات، التي رُصد لها متسّع من الوقت، يقوم مقررو فرق العمل بعرض نتائج النقاش على الجمعيّة العامة التي تلتئم في جلسة عامة من أجل الإستماع إلى التقارير ومناقشتها. بعد ذلك يجري تحديد التوصيات التي تصبح التوجّه الاستراتيجي للمجلس وأولوياته في العمل للمرحلة القادمة التي تمتدّ أربع سنوات.
لقد اثبتت هذه المؤسّسة، عبر تاريخها الذي أصبح يقارب النصف قرن، أنّ للجميع صوت مسموع بداخلها، وأنها في تفاعل حيويّ مع محيطها، إضافة إلى أنّها المكان الوحيد الذي يَجْمع كلّ مسيحيي منطقة الشرق الأوسط.
لقد استطاع هذا المجلس أن يبني لنفسه مكانة مؤسّساتيّة رفيعة عند كل فئات شعوب المنطقة وعلى مختلف خلفياتها.
لقد كان سباقًا في شتّى المجالات، يدخل إلى ميادين إمّا غفل عنها الآخرون أو لم يجرؤوا على ولوجها، ففتح أبوابًا للمجتمعات المشرقيّة وأرشدها إلى سبل عادت عليها بالخير على كافة المستويات، الإنسانيّة منها والثقافيّة، كما الحوارية.
إنّنا إذ نقترب من اليوبيل الذهبي للمجلس عام 2024، نتحضّر، بعد الفراغ من الجمعيّة العامة، للإحتفال بطريقة تليق بتاريخ المجلس وإنجازاته دون أن ننسى كم لعب ويلعب دورًا كأداة للتغيّير الإجتماعي.
إنّ المجلس، وهو على باب الخمسين، يعي تمامًا الأولويّات والتحدّيات التي يواجهها ويبقى أداة للكنيسة والمجتمع من أجل حياة أفضل.