البحر ليس شاهد زور
د. ميشال أ. عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
لم يقبل البحر أن يكون لا شاهد زور ولا شيطانًا أخرس، فأنبانا بكلّ ما يعرف
أرسل لنا ضحايا عنفنا السياسي والتشريعي والثقافي، ناسًا لا حياة لها
توسّلوه للهروب إلى غدٍ أفضل هاربين من مجتمع فقد معنى الرحمة والعدالة والواجب
ولكنهم كانوا جد ضعفاء بالنسبة إلى متطلباته
كانوا أضعف من أن يمخروا عبابه ويذهبوا في حال سبيلهم، فسقطوا في منتصف الطريق
ليس له من ذنب، البحر، سوى أنّه قاسٍ
هو هنا منذ آلاف السنين يستقبل ويودّع ويرشد
أرشد القراصنة والمغامرين والفاتحين
ولكنّه عجز عن إرشاد أبناء شعب يتيم متروك لأهواء الدهر
الدهر أتى في وجه ظُلّامٍ فقدوا معنى العار
كيف يستطيعون إشباع جوفهم والشعب جائع
كيف يستطيعون الإطمئنان إلى صحّتهم والشعب مريض
كيف يستطيعون السكن في منازل والشعب مشرّد
كثرت ظاهرة من يبحث في تلال القمامة عن بقايا كسرة خبز
كثر الأطفال المشرّدون في الشوارع
كثر العجزة المتسوّلون
من يكترث؟!
من يأبه؟!
هؤلاء هم من أخبرنا عنهم بحر طرابلس
هؤلاء ليسوا إلّا رأس جبل الجليد
حملة إبادة جماعيّة باردة تشن عليه منذ سنوات
ولا أحد يسمع أنينه
ويلكم ماذا فعلتم بالناس؟
الناس أمانة الخالق بين أيديكم، أمانة التاريخ والقانون والقيم!
هل سمعتم بهم؟
إنّكم لم تسمعوا بهم، لذلك لم تسمعوا بالعار
العار
تغتسلون به كلّ يوم ولا تعرفون
لأنّكم لا تعرفون العار
تعرفونه عندما تعرفون الشرف
هل سمعتم بالشرف؟