مصر تحتفل بموسم الخليقة 2022
إحتفال بيئيّ مسيحيّ من "أنافورا" يمجّد الخالق
في إطار سلسلة الإحتفالات الّتي ينظّمها مجلس كنائس الشرق الأوسط، بالشّراكة مع منظّمة "دانمشن"، في مختلف دول المنطقة لمناسبة "موسم الخليقة" 2022، أقام مركز "أنافورا"، بيت الكنيسة القبطيّة الصّديق للبيئة، في وادي النطرون، مصر، إحتفالًا بيئيًّا مسيحيًّا، يوم الأحد 11 أيلول/ سبتمبر 2022، تحت رعاية وإشراف الأنبا توماس، مؤسّس مركز "أنافورا" وأسقف القوصية ومير، أسيوط.
حضر الإحتفال عدد من الكهنة والمؤمنين والمهتمّين بالقضيّة البيئيّة الكنسيّة. وشارك فيه مجلس كنائس مصر، د. جرجس صالح، الأمين العام الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، والقسّ رفعت فكري، الأمين العام المشارك لمجلس كنائس الشرق الأوسط، رئيس مجمع مشيخة القاهرة الإنجيليّ، ورئيس مجلس الحوار والعلاقات المسكونيّة في الكنيسة الإنجيليّة في مصر.
من قلب طبيعة "أنافورا"، المميّز بطابعه البسيط في التصميم وطريقة الحياة المستدامة، افتُتح اللّقاء بنغمات موسيقيّة، وبكلمة ترحيبيّة للأنبا توماس شدّد فيها على اهتمامنا الواحد بالطبيعة وخليقة ربّنا لأنّ الله يتكلّم معنا من خلال خليقته، مضيئًا على شعار "موسم الخليقة" لهذه السّنة وهو العلّيقة المشتعلة لا سيّما وأنّ الله تحدّث مع موسى من خلال العلّيقة.
تخلّل الإحتفال برنامجًا باللّغات العربيّة والإنكليزيّة والفرنسيّة والألمانيّة، تضمّن تلاوة الصّلوات من كتيّب "موسم الخليقة" 2022 العالميّ الّذي تولّى مجلس كنائس الشرق الأوسط تعريبه للسّنة الثانية على التوالي. إضافةً إلى أداء الترانيم والأناشيد المختلفة ممجّدة الخالق ومسبّحة اسمه القدّوس شاكرين الله على كلّ خليقته ونعمه. كما أُلقيت كلمات عدّة تعبّر عن مدى أهميّة الإعتناء بخليقة الله والإستماع إلى صوته عبرها، وعن ضرورة العمل والمساهمة الفعّالة في الإهتمام بالخليقة والحفاظ عليها. هذا وتمّت أيضًا قراءة ميثاق مركز "أنافورا" والإجراءات الّتي يتّخذها في سبيل العيش بطريقة مستدامة تحمي الخليقة وكلّ ما فيها.
في كلمته، قدّم د. جرجس صالح لمحة تاريخيّة عن "موسم الخليقة" وكيف أطلقه مجلس كنائس الشرق الأوسط في المنطقة مشيرًا إلى أنّه يتمّ الإحتفال به للمرّة الأولى في مصر. كما شدّد على أهميّة الصلاة قائلًا أنّها "خبرة قويّة وأداة ترفع من الوعي وتعزّز تبادل العلاقات والخدمات. لقد وضع الله الإنسان والحياة معًا تحت قبّة واحدة في بيت واحد، نحن جميعًا في هذا البيت في مسكونة الربّ".
وأضاف "كلّ مخلوق ينتمي إلى مجتمع الأرض، والجماعة بكاملها تنتمي إلى الخالق. لذلك الكلمة اليونانيّة الّتي تعبّر عن المجتمع الأرضي هي Oikos ومنها اشتقّت كلمة Oikoumene أو Ecumenical أي مسكونيّ، والّتي تصف بيتنا المشترك أي الأرض الّتي هي ملك للربّ وكلّ مخلوق ينتمي إلى هذا البيت الواحد... الهدف هو الحفاظ على العالم وقد أعطانا الله مهمّة الإهتمام بالخليقة...".
تابع "إنّها وصيّة للجميع أن نحافظ على هذا الكون. إنّ الله أعطى البشريّة مهمّة خاصّة الا وهي العناية بالخليقة والأرض، فالأرض وُضعت بين أيدينا ونحن مدعوّون لا للسيطرة عليها بل حمايتها...".
أمّا عن موضوع "موسم الخليقة" 2022 "إسمع صوت الخليقة"، فقال صالح "إنّه نداء لكلّ المسيحيّين للاستماع إلى نداء الخليقة حينما تتّحد العائلة المسكونيّة حول العالم للصّلاة من أجل الخليقة. خلال هذا الموسم تساعدنا صلاتنا وعملنا المشترك على الإستماع إلى أصوات الّذي أُسكتوا...".
من جهّته، قال القسّ رفعت فكري في كلمته "هذه الخليقة الماديّة الجميلة المتحرّكة النابضة بالحياة، الزاهية الألوان، الغنيّة بالأشكال، إنّما هي مصدر لا ينتهي ونهر من السعادة لا ينضب، لو تعلّمنا كيف نتمتّع بها ونتدرّب على إدراك حقائقها".
وأردف "عندما خلق الله العالم الماديّ، بسمائه وشمسه ونجومه وبحاره ونباتاته وحيواناته، رأى الله ما عمله فإذا هو حسن... والكلمة "حسن" في العربيّة في اللّغة الأصليّة العبرانيّة جيّد أو طيّب أو صالح... فنحن نحيا في عالم الله الماديّ الجميل... وقد خلق الله هذا العالم الجميل، ليعبّر عن جمال خلقه...".
أضاف "إنّ ما يحرم الإنسان من السعادة، هو فقدانه التناسق بين ما يجري داخل نفسه من نزاعات أنانيّة أو حقد مدمرّ، وبين الطبيعة المنفتحة بالخير والعطاء من حوله... لكن الإنسان يجب أن يبحث داخل نفسه، ليعيد إليها انسجامها وتناسقها الداخلي، فتتجاوب وتتناسق مع الطبيعة الّتي حوله...".
هذا وقال فكري "إبحث عن خليقة الله المادّية حولك، لتجد فيها ينابيع السعادة لك، إذا ما تدرّبت على الإنبهار بها. وتأمّلت فيها بفهم وشكر، وتعلّمت منها أبلغ الدروس... إنّا ما يشقينا هو أنّنا لا نعرف كيف نتمتّع بالجمال... في كلّ طائر أو زهرة أو ورقة شجرة... في كلّ اتّجاه أينما رفعت عينيك في خليقة الله، تجد الجمال، وفي الجمال تجد السعادة... تدرّب أن تنبهر بخليقة الله حولك، وتفيض في نفسك ينابيع السعادة...".
وتجدر الإشارة إلى أنّ مركز "أنافورا" واحة مخصّصة للصّلاة والخلوة، تعرّف العالم الخارجيّ على الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة في قلب الطبيعة وفي جوّ بيئيّ بامتياز حيث يضمّ مساحات خضراء متنوّعة وأشجار مختلفة... وكذلك يرتكز على الأشغال اليدويّة في الملابس والطعام والشّراب وأسلوب الحياة فيه بطريقة مستدامة وصديقة للبيئة...