"الإعلام وتنميط الآخر"
الندوة الشّهريّة الجديدة عن بُعد من تنظيم مجلس كنائس الشرق الأوسط
الأمين العام د. ميشال عبس: الخطورة تكمن ليس فقط في ما يقال، بل في ما لا يقال والذي من الممكن ان يدخل اللاوعي الجماعي ويؤثر على عقول ونفوس العامة
في إطار سلسلة ندواته الشهريّة، عقد مجلس كنائس الشرق الأوسط ندوة جديدة عن بُعد بعنوان "الإعلام وتنميط الآخر"، يوم الخميس 29 حزيران/ يونيو 2023، بمشاركة مجموعة من المتخصّصين والأكاديميّين وطلّاب الجامعات والمهتمّين بالموضوع المطروح. علمًا أنّ هذه الندوة تأتي ضمن "مشروع الكرامة الإنسانيّة" - "الحوار والتماسك الإجتماعيّ - إعادة تأهيل رأس المال الإجتماعيّ"، الّذي يعمل مجلس كنائس الشرق الأوسط على تنفيذه تباعًا.
تخلّلت الندوة الّتي بُثّت مباشرةً على صفحة مجلس كنائس الشرق الأوسط على موقع فيسبوك، مداخلات عدّة، بإدارة د. لبنى طربيه الّتي عرضت في كلمتها الإفتتاحيّة لمحة عامة حول الموضوع المطروح مشدّدة على أهميّة الحفاظ على الكرامة الإنسانيّة في ظلّ كلّ ما يقدّمه الإعلام.
استُهلّت الندوة بكلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس الّذي تحدّث فيها عن الإعلام والتنميط في المجتمع الحديث، قائلًا "التنميط هو عبارة عن فكرة، رأي جاهز، مقبول دون تفكير ومتكرر دون أن يخضع لفحص نقدي، من قبل شخص أو مجموعة، ويحدد، بدرجات متفاوتة طرق الانسان في التفكير والشعور والتصرف عبر اعطاءه صورا مسبقة عن جماعة ما او امر ما".
وأضاف "أخطر مجالات التنميط تكمن في العنصرية، حيث تحتوي الصورة النمطية اولاً، على بعد الاقتصاد في التفكير او تجنب التفكير، أي قبول الأفكار النمطية كما هي من دون مراجعة او نقد، وثانياً، التبرير، كأن أحكم على بعض الجماعات بصفات معينة، لأنني، على النقيض من ذلك، أعرّف نفسي بأنني اتمتع بعكسها. التنميط يتعلق بكل أبعاد الحياة وهو الأقوى والأكثر خطورة وفتكاً على الصعيدين الإثني والديني نظرا للنتائج الكارثية التي يمكن ان يجلبها للمجتمع".
وتابع "تصوروا كم ان الاعلام قادر على بناء الصور النمطية والاحكام المسبقة واثارة النعرات التعصبية والتطرف والاصولية وعدم القبول بالتنوع والفروقات بين الناس. تصوروا كم ان مهمتكم صعبة وخطيرة أيها الاعلاميون ان توصلوا الفكرة او المعلومة وان تكونوا رسل سلم اهلي يحتاجه كل مجتمع من اجل نموه وتقدمه".
ختم د. ميشال عبس "الخطورة تكمن ليس فقط في ما يقال، بل في ما لا يقال والذي من الممكن ان يدخل اللاوعي الجماعي ويؤثر على عقول ونفوس العامة... قليلون هم جدا من دخلوا اللعبة الخطرة، لعبة الدس واللعب على النمطيات والعصبيات والمشاعر الهدامة، وهم قلة قد لفظتهم وتلفظهم كل يوم الأكثرية الساحقة من رسل المعرفة الذين نسميهم، ويسمون أنفسهم بكل فخر، الاعلاميون".
بعدها بدأت مداخلات الندوة الّتي وجّهها مفكّرون من مختلف دول المنطقة. من لبنان، تحدّثت د. مهى زراقط، أستاذة في كليّة الإعلام في الجامعة اللّبنانيّة، عن الإعلام وبناء صورة الآخر: مسار حتمي للتنميط، وأضاء الإعلامي علي الأكبر، مقدّم ومعدّ برامج في قناة المنار وإذاعة النور، على مفهوم الصورة النمطيّة وتطوّرات تاريخها. كما تطرّق الأستاذ سركيس أبو زيد، صحافي وكاتب، إلى الإعلام وصورة الآخر، وتكلّم د. شوقي عطية، أستاذ جامعي، معهد العلوم الإجتماعيّة - الجامعة اللّبنانيّة، عن تطوّر الإعلام وتأثيره على الرأي العام.
من مصر، تحدّثت د. رجاء سليم، باحثة في العلاقات الدوليّة، حول الصّورة النمطيّة الّتي يقدّمها الإعلام حيث ينقل الصّورة بشكل مغير للحقيقة. ومن فلسطين، سلّط د. عبد الرحمن المغربي، باحث وأستاذ جامعي، الضوء على نظرة الفلسطيني إلى موضوع الصّور النمطيّة والإنتهاكات الّتي يتعرّض لها.
إلى ذلك، قدّم المتكلّمون تعريفًا عن التنميط الإعلامي متطرّقين إلى مخاطر الإعلام في عمليّة التنميط وتشويه صورة المجتمعات خصوصًا عبر الإعلانات ومختلف أنوع الموادّ الّتي تصدرها وسائل الإعلام. كما تحدّث المتكلّمون عن سلبيّات الإعلام وآثاره على المتلقّين حيث عرضوا بعض الأمثلة الحيّة وبحثوا في سُبل تفادي هذه المخاطر. هذا وشدّدوا على أهميّة المناصرة عبر الإعلام من أجل ضمان صون الكرامة الإنسانيّة وتعزيز القيم الأخلاقيّة في المجتمعات.
اختُتمت الندوة بجلسة أسئلة ونقاش بين المشاركين حيث تبادلوا الآراء والخبرات كلّ بحسب اختصاصه ومجال عمله.