السنة الخمسون لتأسيس مجلس كنائس الشرق الأوسط
المركز الكاثوليكي للإعلام
ألقى الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال أ. عبس هذه الكلمة في المؤتمر الصحفي الّذي عقده المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان، بالشّراكة مع مجلس كنائس الشرق الأوسط، يوم الثلاثاء 9 كانون الثاني/ يناير 2024، في مقرّ المركز في بيروت. خلاله، تمّ الإعلان عن إنطلاق "أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين"، إضافةً إلى عرض برنامج سنة مجلس كنائس الشرق الأوسط اليوبيليّة، والإعلان عن الحدث المسكوني الموسيقي "بيروت 2024".
د. ميشال أ. عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
أصحاب السيادة، قدس الإباء الاجلاء، الحضور الكريم
نحن اليوم نبدأ نصف القرن الثاني من حياة مجلس كنائس الشرق الأوسط، هذه المؤسسة التي شكلت موئل تلاقٍ وتفاعل بين كنائس مهد المسيحية، حيث البشارة بقدوم السيد وولادته وكرازته وصلبه وقيامته، متمما رسالته الخلاصية لبني البشر.
لقد مر المجلس بمراحل عديدة، وجذوره تعود الى سنة 1929 حيث كانت مؤسسة سميت آنذاك المجلس المسيحي للشرق الأدنى، تحولت تدريجيا الى مجلس كنائس الشرق الأدنى سنة 1964، ثم مجلس كنائس الشرق الأوسط سنة 1974، حيث اتخذ شكله الدستوري والتنظيمي الحاليين وبقي عليهما مع بعض التعديلات في التركيبة التنظيمية، لم تغير في الجوهر شيئاً.
المجلس ينطلق من الايمان والفكر المسكونيين، حيث يجري اعتراف متبادل بين الكنائس بالنسبة الى الاتجاهات اللاهوتية والليتورجيا المتمايزة، وحيث هناك قبول متبادل وشراكة متصاعدة وتفاعل يتعمق وتطلعات مصيرية مشتركة.
المجلس يتكون اليوم من أربعة عائلات كنسية، الارثوذكسية الشرقية، الارثوذكسية المشرقية، الانجيلية والكاثوليكية، وله مكاتب في عدة دول من المنطقة وينفذ برامج في مجالات اللاهوت والتربية الدينية والعلاقات المسكونية، وفي مجال التواصل والاعلام والمناصرة، وفي مجال الدياكونيا والخدمة الاجتماعية، وفي مجال الحوار والتماسك الاجتماعي وتأهيل الكرامة الإنسانية والرأسمال الاجتماعي.
المجلس حاضر للخدمة في أي مكان حيث يجد لإراحة المتعبين وثقيلي الاحمال مجالاً، كما ينشط في شتى المجالات المبتكرة التي تسد فراغات أساسية في حياة المجتمع والكنيسة، مشتركة او منفردة، على الصعيد المؤسساتي كما على الصعيد الرعوي والمجتمعي.
في السنة الخمسين لتأسيسه، يركز المجلس على جعل هذه المناسبة محطة تأمل وتقييم وحوار من اجل مستقبل أفضل للعمل المسكوني، او المسيحي المشترك، في خدمة وحدة المسيحيين ووحدة المجتمع وفلاح وتقدم كليهما لان نظرة المجلس، المنبثقة من نظرة الكنيسة، هي ان المسيحيين يشكلون جزءا أساسيا من النسيج الاجتماعي لأوطانهم، وما يضير مجتمعاتهم، يضيرهم، وما ينفع مجتمعاتهم، يكون نافعا لهم.
لقد شددت اللجنة التنفيذية للمجلس، خلال الاجتماع الذي اقرت فيه السير بسنة يوبيل الخمسين، على ان تكون الفعاليات ايمانية فكرية ثقافية، ذات بعد استراتيجي ورؤية متجددة لمستقبل المسيحيين والمنطقة. وهذا ما سوف يتبين من عرض الإطار العام لبرنامج السنة الخمسين.
سوف تبدأ السنة اليوبيلية في كانون الثاني/يناير 2024، مع أسبوع الصلاة من اجل الوحدة، وسوف تنتهي في كانون الثاني/يناير من العام 2025، مع بداية السنة ال 1700 لمجمع نيقية. كذلك، سوف تكون هذه السنة تحت الآية 2:1 من اعمال الرسل، "وَعِنْدَمَا جَاءَ يومُ الخَمْسِينَ، كَانُوا كُلُّهُمْ مُجتَمِعِينَ مَعًا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ"، كما ان دائرة التواصل في المجلس، بالتنسيق مع عدد من أعضاء الفريق، قد بلوروا شعارا يدمج سنة الخمسين بشعار المجلس المعروف من الجميع، تضاف إليهم الآية – الشعار ونجوم أربعة تيمنا بالعائلات الأربعة التي يتكون منها المجلس.
ولقد قسم فريق العمل النشاطات الى أربعة أبواب، كالتالي:
1- الصلوات ولقاءات الترانيم الروحية
2- المحاضرات والندوات
3- نشر مواد إعلامية
4- المطبوعات
الباب الأول يشمل أسبوع الصلاة من اجل الوحدة، وقد اخترنا ان نطلق أنشطة السنة الخمسين خلال هذا الأسبوع، وفي هذا السياق دخل المجلس كشريك في الحدث المسكوني الذي سوف يتحدث عنه لاحقا من كان في أساس المشروع. كما يشمل هذا الباب أيضا امسيات صلوات مسكونية في أكثر من دولة في منطقة الشرق الأوسط. كذلك سوف نقيم أمسية ترانيم مسيحية، إسلامية، شعبية حوالي نهاية السنة الحالية. غني عن القول، كم تقوم هذه الامسيات المسكونية والمختلطة بدور فعال على صعيد اللحمة بين الناس واذكاء القيم المشتركة التي أساسها عبادة الرب الواحد، خالق هذه الكون وباري الخليقة.
الباب الثاني يشمل ثلاثة مواضيع أساسية سوف يجري ضمنها عقد الندوات وإلقاء المحاضرات، وهي الحضور والشهادة المسيحية، الحوار المسكوني والأسئلة الوجودية والرؤية والتطلعات المستقبلية. في هذا السياق لا بد لنا ان نذكر ان الاجتماع السنوي للأمناء العامين لمجالس الكنائس في العالم، الذي ينسقه مجلس الكنائس العالمي، سوف يُعقد في لبنان في أواخر شهر آذار/مارس والحاضرون مدعوون الى الاشتراك في ندوة حول الحوار المسكوني في الشرق الأوسط. كما قد حضّرنا برنامج زيارات للأعضاء المشاركين الى قيادات الكنائس المقيمين في لبنان. إضافة الى ذلك، سوف يتطرق محاضرون ومنتدون في نشاطات تجري برمجتها الى مواضيع مختلفة تدخل تحت هذا الباب الثاني.
اما بالنسبة الى الباب الثالث، وهو يتعلق بالإعلام والإنتاج السمعي البصري للمجلس، فسيجري ضمنه عرض اشرطة وثائقية تغطي مختلف نشاطات المجلس ومختلف مراحله التاريخية، رغم صعوبة نقل الأشرطة القديمة الى وثائق يمكن قراءتها بواسطة البرمجيات الحديثة، وهو عمل قد تطوعت له تلي لوميير- نورسات مشكورة، والشكر موصول للقيمين عليها، وهي التي سوف تبث ايضا برنامجا مشتركا اسميناه "مسكونيات"، يتعاطى مع تاريخ وتطور الحركة المسكونية في المنطقة ودور مجلس كنائس الشرق الأوسط في هذا المسار.
اما الباب الرابع فهم يشتمل على نشاطين أساسيين، الأول كتاب الخمسين عام الذي سوف يعرض معطيات سير المجلس خلال السنوات الخمسين التي مضت، بالصور والوثائق، حول الجمعيات العامة واللجان التنفيذية، والقرارات والبيانات، وغيرها من المعلومات التي توثق للنصف الأول من المئة سنة الأولى للمجلس المطلوب منه ان يتابع مسيرته لعقود عديدة سوف تلي من اجل الاضطلاع بالمهام الجسام التي حمّله إياها المؤسسون الرؤيويون، كما القيادات الحديثة التي جددت الرؤية والتطلعات.
اما النشاط الثاني من هذا الباب، فهو كتيب تعريف بمجلس كنائس الشرق الأوسط، وهو وثيقة حول تاريخ المجلس وبنيته ونشاطاته والكثير من المعطيات التي تشرح للعامة والمهتمين، ما هو المجلس كمؤسسة وكمجتمع.
هذا بالمختصر الإطار العام الذي سوف تجري ضمنه "احداث" السنة الخمسين من عمر المجلس. والجدير ذكره ان العمل سوف يستمر كالعادة في مختلف الدوائر الموجودة، والدوائر التي سوف نستحدث، لان أنشطة سنة اليوبيل سوف تكون مدموجة بشكل تلقائي ضمن العمل الطبيعي للمؤسسة التي تتحضر حاليا لإطلاق برامج ومشاريع جديدة، اذ نجد المؤسسات الدولية، المسكونية منها كما العلمانية، تتوجه الينا أكثر فأكثر طالبة الشراكة في العمل وفي المشاريع، نظرا للمصداقية التي يحظى بها المجلس بجهود فريقه الذي يعمل بلا كلل ولا ملل، كما برعاية قياداته التي تدعم هذا العمل وتؤطره.
وفقنا الرب جميعا في خدمة خليقته على اسمه.