بيروت 2024: معًا نصلّي ونختبر عمل الروح القدس في الترنيم
حدث مسكوني موسيقي من بيروت إلى كلّ العالم، فما هي أهدافه ومميّزاته؟
مجلس كنائس الشرق الأوسط
"تبارك اللّه أبو ربّنا يسوعَ المسيح، باركنا في المسيح كلّ بركةٍ روحيّة في السَماوات؛ فكشَفَ لنا سرّ مشيئتِه، أي التدبيرَ الّذي يتمّمه عندما تكتَملُ الأزمنة، فيجمعَ في المسيح كلّ شيءٍ في السَماوات وفي الأرض؛ لِنُسَبّحَ بمَجدِه..." (أف 1). مع هذه الآيات البيبليّة، لبنان والشرق الأوسط على موعد مع حدث مسكوني موسيقي بعنوان "بيروت 2024"... حدث يجسّد كلام القدّيس بولس الرسول في مطلع رسالته إلى أهل أفسس حيث يشير إلى أنّ التسبيح بمجد الله هو غاية الوحدة الّتي وُهبت لنا في ملء الأزمنة بالمسيح يسوع.
يُقام هذا الحدث يوم السبت 20 كانون الثاني/ يناير 2024، في الفوروم دو بيروت، لمناسبة أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين والسنة الخمسين لتأسيس مجلس كنائس الشرق الأوسط. من هنا، يشكلّ "بيروت 2024"، لقاءً روحيًّا جامعًا لمختلف العائلات الكنسيّة من أجل تمجيد الله الخالق وتسبحته واختبار عمل الروح القدس عبر الموسيقى والترنيم والإجتماع معًا.
في الحقيقة، يأتي هذا الحدث في وقت يعيش العالم موجة من التباعد وخطاب الكراهية وانعدام التواضع في الكثير من الأحيان...، ليؤكّد بقوّة الروح القدس على أنّه كلّ ما اجتمع المؤمنون للترنيم بصوت واحد، ينمو فيهم رباط المحبّة، ويعلنون أنّ لهم "روحٌ واحد وفكر واحد" (1 كو 1: 10).
الدعوة عامة حيث يمكنكم حجز البطاقات مجّانًا على Ticketingboxoffice.com.
ما هي إذًا أهداف هذا الحدث؟ كيف انطلقت فكرته؟ من هي الجوقة المسكونيّة وماذا سيتضمّن برنامج اللّقاء؟
الغنى في التنوّع
من بيروت إلى كلّ العالم، ستُرفع الترانيم والتسابيح والصّلوات إلى ربّنا يسوع المسيح راجين وحدة مرجوّة ومنتظرة منذ عقود. تكمن الفكرة الأساس للحدث المسكوني الموسيقي "بيروت 2024" في الإيمان بأنّ الروح القدس الّذي يفيضه الله في كلّ كنيسة، يتجلّى عمله أيضًا في الأنغام والترانيم الّتي ينشدها المؤمنون معًا في الإحتفالات اللّيتورجيّة، والّتي شكّلت على مرّ العصور التقاليد الموسيقيّة المتنوّعة في غناها والغنيّة في تنوّعها. فهل هناك أعمق من أن تنشد جوقة واحدة مسكونيّة كلّ هذه الترانيم من مختلف التقاليد الكنسيّة ومشاركتها مع المؤمنين الحاضرين!؟
في هذا الإطار، يُعقد هذا الحدث ليكلّل الجهود الأخرى الّتي تشملها الحركة المسكونيّة، من لقاءات روحيّة، وحوارات لاهوتيّة، ومشاركة في شتّى أنواع الخدمة. وعادةً يتجسّد العمل من أجل الوحدة والسير معًا في صعد مختلفة، الّا أنّ التسبيح إلى الربّ يسوع يحملنا أيضًا إلى قمّة الوحدة والشهادة.
الوحدة في الصلاة ويوبيل مجلس كنائس الشرق الأوسط
يحمل تاريخ هذا الحدث المسكوني الموسيقي دلالة خاصّة بحيث يُقام احتفالًا بأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين. هذا التقليد المسيحي العالمي الّذي يمتدّ بين 18 و25 كانون الثاني/ يناير من كلّ سنة، ليكون محطّة صلاة وتأمّل يجتمع فيها المسيحيّون من أجل الصلاة عبر كتيّب عالميّ موحّد يصدره الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي، ويقوم بتعريبه مجلس كنائس الشرق الأوسط إلى كلّ العالم.
كما حظيت فكرة "بيروت 2024" ببركة رؤساء الكنائس في لبنان، وتبنّاها مجلس كنائس الشرق الأوسط لتكون انطلاقة السنة اليوبيليّة الخمسين لتأسيسه (1974-2024)، وعنوانها مطلع رواية العنصرة: "في تمام اليوم الخمسين، كانوا كلّهم معًا في مكان واحد" (اع 2: 1). في هذا السياق، قرّر مجلس كنائس الشرق الأوسط إدراج هذا الحدث المسكوني الموسيقي ضمن احتفالات السنة اليوبيليّة لتأسيسه، والإشراف على تنظيمه، وتوجيه الدعوة إليه. من هنا، فإنّ اجتماع المؤمنين مع رؤسائهم، وتحديدًا في أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين، يُقدّم صورة عن الكنيسة الأولى بعد العنصرة.
خبرة مسكونيّة
أطلق مشروع الجوقة المسكونيّة الأستاذ مارك مرهج بتوجيه من سيادة المطران أنطوان بو نجم، راعي أبرشيّة أنطلياس المارونيّة في لبنان. بدأ التحضير للحدث في نيسان/ أبريل 2021 حيث تمّ تشكيل لجنة مصغّرة لتولّي المهام الضروريّة لبورة المشروع. أمّا الإجتماع التمهيدي الإفتتاحي لأعمال المشروع فعُقد برعاية المطرانيّة في كنيسة مار الياس للرّوم الملكيين الكاثوليك في لبنان في 24 كانون الثاني/ يناير 2023، ليُعقد بعدها اجتماع روحيّ بحضور عدد من الكهنة في 30 أيّار/ مايو 2023، بالتزامن مع عيد العنصرة.
ومن جهّة التدريبات فقد بدأت في 18 نيسان/ أبريل 2023 حيث امتدّت على مدار سنة من التمارين والتحضيرات المكثّفة حتّى اليوم. أمّا المشاركون الّذين سيحضرون فسيشهدون على حدث يجمع كلّ العائلات الكنسيّة بحضور رؤساء الكنائس وجميع المؤمنين، بحيث سيحضر جسد الكنيسة للترتيل والتسبيح معًا واختبار الغنى الروحي الّذي تتميّز به كلّ الكنائس.
جوقة مسكونيّة واحدة
تضمّ الجوقة المسكونيّة ما يزيد على 250 مرنّمًا، يرافقهم نحو 50 عازفًا من الأوركسترا السيمفونيّة. وما يميّزها هو التنوّع الّذي يجمع المرنّمين والعازفين الّذين ينتمون إلى مختلف العائلات الكنسيّة والمناطق اللّبنانيّة وهم من الإكليروس والمكرّسين والعالمانيّين ومن فئات عمريّة عدّة بين الـ15 والـ75 عامًا. في الواقع، تعكس هذه الجوقة حقيقة جسد الكنيسة وصورة عن الوحدة الّتي طلبها الربّ يسوع المسيح "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي" (يو 17: 21).
خلال فترة التدريبات، عاشت الجوقة اختبارًا روحيًّا رسّخ إيمانهم وعزّز عزيمتهم في العمل من أجل الوحدة وكذلك قرّب المسافات في ما بينهم حيث أكّدوا معًا على المحبّة الّتي تجمعهم كأبناء ليسوع المسيح. وفي البرنامج، ستقدّم الجوقة المسكونيّة مجموعة من الترانيم والتراتيل والألحان المختارة من مختلف التقاليد اللّيتورجيّة والطقسيّة وبأكثر من 12 لغّة. كما ستكون الجوقة في خدمة المؤمنين المشاركين كي يرفعون بدورهم تسبيحاتهم إلى الله بقلب واحد وروح منسحقة.
إذًا، نلتقي في "بيروت 2024"، الحدث المسكوني الموسيقي الّذي سيضمّ نحو 10 آلاف شخص للصّلاة معًا بنعمة الروح القدس على نيّة الوحدة والسلام في الشرق الأوسط والعالم.