السكن اللّائق والكرامة الإنسانيّة
ندوة عن بُعد من تنظيم مجلس كنائس الشرق الأوسط
الأمين العام د. ميشال عبس: لا ينفع ان تؤمن مسكنا لائقا من الداخل وان تموضعه في بيئة مدمرة، ملوثة ومهملة، حيث الحياة العامة مزرية
يتابع مجلس كنائس الشرق الأوسط سلسلة ندواته الشّهريّة حيث عقد ندوة جديدة عن بُعد بعنوان "السكن اللّائق والكرامة الإنسانيّة"، يوم الخميس 25 كانون الثاني/ يناير 2024، بمشاركة مجموعة من المتخصّصين والأكاديميّين وطلّاب الجامعات والمهتمّين بالموضوع المطروح. علمًا أنّ هذه الندوة تأتي ضمن "مشروع الكرامة الإنسانيّة" - "الحوار والتماسك الإجتماعيّ - إعادة تأهيل رأس المال الإجتماعيّ"، الّذي يعمل مجلس كنائس الشرق الأوسط على تنفيذه تباعًا.
تضمّنت الندوة الّتي بُثّت مباشرةً على صفحة مجلس كنائس الشرق الأوسط على موقع فيسبوك مداخلتين، بإدارة د. شوقي عطية الّذي قدّم في كلمته الإفتتاحيّة تعريفًا عن السكن اللّائق مشدّدًا على ضرورة احترام كرامة الإنسان وتوفير الخصوصيّة والأمان، مشيرًا إلى أنّ السكن الآمن هو حقّ إنساني أساسي معترف به من قبل الأمم المتّحدة، فمع نموّ العائلات في سكن لائق تزدهر بالتّالي المجتمعات.
استُهلّت الندوة بكلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس حيث تحدّث فيها عن البيت النموذجي والمخاطر الّتي يتعرّض لها المسكن، وقال "على المسكن ان يكون كافيا لحجم العائلة، متمتعا بشروط الراحة، وحتى الرفاهية، وان يحافظ على خصوصية الاسرة، وان يسمح بخصوصية كافة أعضاء الاسرة، وان يكون صحيا، خاليا من النش والرطوبة، وان يكون مزودا بكافة عناصر الخدمات الأساسية المتعلقة بالصحة والنظافة والوقاية...".
وتابع "لا ينفع ان تؤمن مسكنا لائقا من الداخل وان تموضعه في بيئة مدمرة، ملوثة ومهملة، حيث الحياة العامة مزرية. بناء عليه، يجب ان نعتبر ان مفهوم المسكن اللائق هو ابعد من المنزل المباشر المايكرو اجتماعي، ويشمل البعد الماكرو اجتماعي، أي التنظيم المدني بمعناه الواسع، أي الحياة في الحي او القرية".
وأضاف "ندوة الليلة هي الندوة الأولى في سلسلة ندوات حول السكن والإسكان، نتوخى عبرها تحسيس قياداتنا الدينية والمدنية على خطورة الوضع السكني في بلداننا، وتحث هذه القيادات على انشاء مناطق سكنية جديدة، مخططة بأحدث الوسائل، تجدد النسيج العمراني في بلداننا وتؤمن حياة لائقة للأسر التي ستنشأ بحكم النمو السكاني، وتشكل سدا اوليا امام هجرة شباننا بحثا عن حياة أفضل، علما ان هكذا مشاريع هي مدرة للدخل وتؤمن اعدادا كبيرة من الوظائف. لقد أظهرت الدراسات السوسيولوجية ان تأمين السكن هو عنصر أساس في منع الهجرة وحث الناس على البقاء".
بعدها، بدأت المداخلة الأولى بعنوان "السياسة الإسكانيّة في لبنان: قصور الإجراءات والتدابير في مواجهة الهشاشات السكنيّة"، مع د. شربل ليشع، أستاذ مساعد في معهد العلوم الإجتماعيّة - الجامعة اللّبنانيّة. في مداخلته، أضاء د. شربل على أهميّة طرح موضوع الإسكان وسياسته مقدّمًا بعض الإحصاءات حول هذه المسألة. كما تطرّق إلى مختلف الأبعاد الإجتماعيّة والإقتصاديّة والديموغرافيّة والحقوقيّة لهذا الموضوع. هذا وتحدّث د. شربل عن التشريعات والأدبيّات الإسكانيّة الدوليّة وكذلك المكوّنات الرئيسيّة لحقّ الإنسان في السكن، إضافةً إلى الإهتمام بالإسكان وسياسته، وتوجّهات التشريعات الإسكانيّة في لبنان.
أمّا المداخلة الثّانية فحملت عنوان "تجربة مصر نحو توفير بديل العشوائيّات"، مع ا.د. ايمان نصري داود، أستاذة ورئيسة قسم علم الإجتماع في كليّة الآداب - جامعة حلوان في مصر، ونائب شعبة السكّان. خلال المداخلة، انطلقت ا.د. ايمان من دراسة كانت قد أجرتها للإضاءة على وضع السكن في مصر حيث عرضت تصنيف المناطق غير الآمنة في مصر وآليّة التعامل معها. كما تكلّمت ا.د. ايمان عن نشأة المناطق عوضًا عن العشوائيّات مقدّمة بعض الإحصاءات حول هذا الموضوع. إلى ذلك، عرضت أهمّ الجهود الحكوميّة الّتي بُذلت في هذا الإطار مستندةً على بعض الأمثلة والنماذج الّتي أُقيمت في مصر.
إنتهت الندوة بجلسة أسئلة ونقاش بين المشاركين حيث تبادلوا الآراء والخبرات كلّ بحسب اختصاصه ومجال عمله. كما كانت كلمة أخيرة للأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس الّذي شدّد فيها إلى أنّ السكن هو جزء من الوطن، حيث اقترح أن تضع الكنائس والمؤسّسات الدينية أوقافها في خدمة مشاريع سكنية للمواطنين، مشيرًا إلى مساعي مجلس كنائس الشرق الأوسط للعمل في هذا المجال.