مجلس كنائس الشرق الأوسط في عمله الانساني
مقاومة الشر بالمحبة
جزء من كلمة الأمين العام الى اجتماع دائرة خدمة اللاجئين الفلسطينيين
د. ميشال أ. عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
نحن اليوم، في كل كيانات منطقة الشرق الاوسط، امام أوضاع ميدانية تتطلب جهوزية وحضورا تامين، وأنشطة مجلس كنائس الشرق الاوسط متصاعدة في كل المجالات، ونشكر الرب على الثقة التي يتمتع بها المجلس تجاه الشركاء المحليين والدوليين على حد سواء، وهو ذو مصداقية عالية في عمله الميداني وتقاريره المالية والبرامجية.
ان دائرة خدمة اللاجئين الفلسطينيين العريقة في تاريخها، والتي ما برحت تخدم الفلسطينيين منذ عقود، تتعامل مع التحديات التي تواجهها بحرفية مبنية على ذاكرة تاريخية وثقافة مؤسساتية متجددة، يكتنزها موظفوها في ذاكرتهم وثقافتهم ودرايتهم، عبر تاريخهم العريق في العمل، وهي تفتح المجال امام الابتكار والابداع، وهو ما يحتاجه العمل الاغاثي-التنموي مع الشعب الرازح تحت الاحتلال، الذي لم نر بعد نهايته.
عمل المجلس عبر الدائرة، وغيرها من دوائره، هو شكل من اشكال المقاومة، السلمية، المتجذرة في الايمان المسيحي، في قيم السيد العصي على الفناء، الذي تجسد على ارض فلسطين، التي ترويها دماء ابناءها.
عمل دوائر المجلس هو المقاومة بامتياز، عبر مساعدة المنكوبين على الاستمرار في حياتهم، بشكل طبيعي قدر الإمكان، رغم استحالة ذلك أحيانا. اليسوا هم المتعبين والثقيلين الاحمال الذي ذكرهم السيد؟
ان تساعد بالغذاء والدواء والملبس والمشرب والتوعية والتدريب المهني والمناصرة وكافة اشكال نشاطات الدائرة، فانت تساعد على الصمود الذي هو أساس المقاومة.
ان المؤسسات الشريكة دوليا قد وعت، وعددها في ازدياد، وكذلك وعيها، خطورة ما يجري على ارض فلسطين، جنوب المشرق الانطاكي، ارض التجسد والكرازة الأولى والجلجلة والصلب والقيامة، من إبادة منهجية تطال الشعب وجذوره التاريخية، هذا الشعب الذي اظهر صمودا وصلابة عز نظيرهما.
ان التلاحم بين شعبنا في فلسطين، المشرد من ارضه وفي ارضه، وباقي شعوب المنطقة، التي تحولت اوطان مخيمات، والتي تعيش مصائر مشابهة، يسطر ملاحم بطولة عز نظيرها، وجزء من البطولة، هو هذا العمل الدؤوب الذي يقوم به عاملون صحيون واجتماعيون في خدمة من وقعت عليهم قرعة غدر الغادرين، هؤلاء الذين امتنع عن تسميتهم.
اما القتل المجاني والممنهج للمدنيين العزل، وجلهم من كبار السن والنساء والأطفال وذوي الحاجات الخاصة، فلا يمكن وصفه الا انه جريمة ضد الإنسانية، وجريمة حرب، وجريمة إبادة، وجريمة تطهير عرقي. انها جرائم ذات فصول أربعة.
ولكن ما لا تريد ان تفهمه الدول الداعمة لكيان الاغتصاب، او تتجاهله، فهو ان المقاومة ليست جريمة، بل هي حق تحفظه شرعة حقوق الانسان وتصونه المواثيق الدولية، وهو يتخطى حق الدفاع عن النفس بالمعنى القانوني.
لا أحد يقبل بسقوط الضحايا المدنيين، في اية جهة كانوا، ولكن لا أحد يقبل ان يعيش شعب في أوضاع اجتماعية-سياسية تتراوح بين الاذلال اليومي، والطرد من المنازل والقتل.
نحن لا نعلم ماذا يخبئ لنا المستقبل، ونتأمل ان تكون هناك تسوية، ولو جزئية، تعيد سكان غزة الى بيوتهم وقراهم ومدنهم، وعندها لا بد لنا ان نكون متحفزين للاشتراك في عملية الاعمار والتنمية الثي قد تدوم سنوات وتشكل مجموعة من البرامج التي سوف تضطلع بها الدائرة. عندها، سوف تكون كافة دوائر المجلس حاضرة ومتأهبة للمعاضدة. هذا خيط امل رفيع نتمسك به، رغم اننا نرى ان التدمير الذي ما برح يمارس، يهدف الى دفعنا الى اليأس من أي مستقبل واعد.
في هذه البلاد، يبدو ان قدرنا هو ان نقاوم، وكل منا يقاوم على طريقته.
نحن نقاوم بالكلمة الطيبة وبلسمة الجراح.