في اليوم الدولي للحقّ... نسأل أين هي الإنسانيّة؟
خاصّ: إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط
مع ارتفاع حدّة الحروب والنزاعات في كلّ أنحاء الأرض، وفي ظلّ تفاقم ظاهرة العنف والإنتهاكات من كلّ حدب وصوب، أين الإنسان اليوم؟ هل من آذان صاغية إلى أوجاعه؟ وهل من مبادرات جدّية تحفظ حقوقه الّتي سُلبت منه؟
أسئلة مشروعة والإجابات قد تبقى مجهولة وسط غياب بعض الخطوات العمليّة والعالميّة نتيجة الصراعات المتواصلة الّتي ترخي بظلالها في المنطقة والعالم، فالإنسانيّة باتت على المحكّ وكرامة الإنسان تلفظ أنفاسها الأخيرة.
من هنا، يأتي اليوم الدولي للحقّ في معرفة الحقيقة في ما يتعلّق بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا الّذي أقرّته الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة في 24 آذار/ مارس من العام 2010. يوم يدقّ فعلًا جرس الإنذار خصوصًا وأنّ عدّاد ضحايا الحروب والنزاعات لا يستريح بحثًا عن عدالة ينتظرها ذوويهم كبارقة أمل وسط المآسي الّتي تحيط بهم.
وبناء على ما تقدّم من حيثيّات معطاة من هيئة الأمم المتّحدة، يتابع مجلس كنائس الشرق الأوسط كلّ القضايا الإنسانيّة حيث لطالما دافع عنها ساعيًا إلى أن يكون صوتًا صارخًا في البريّة. كما يواصل المجلس جهوده من أجل صون كرامة الإنسان، الحفاظ على حقوقه وخدمته بكرامة، وذلك من خلال الطاولات المستديرة الّتي ينظّمها وأبرز المواد الّتي يقدّمها عبر منصّاته الإعلاميّة، إضافةً إلى البرامج الإجتماعيّة والإغاثيّة الّتي ينفّذها بغية بلسمة جراح الأكثر عوزًا وحاجة.
الحقّ في معرفة الحقيقة
يشكّل اليوم الدولي للحقّ في معرفة الحقيقة تذكيرًا بضرورة الوقوف مع الكرامة والحريّة الإنسانيّة ضدّ الظلم واللّاعدلة. الهدف منه، بحسب الأمم المتّحدة، هو إحياء ذكرى ضحايا الإنتهاكات الجسيمة والمنهجيّة لحقوق الإنسان والتأكيد على أهميّة الحقّ في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة، إضافةً إلى الإشادة بكلّ الأشخاص الّذين كرّسوا حياتهم للعمل من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وضحّوا بأرواحهم في سبيل تلك القضيّة.
كما يشدّد هذا اليوم على الإعتراف بالعمل الهام الّذي قام به المونسنيور أوسكار أرنولفو روميرو من السلفادور بغية تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في بلده. لذا حضي عمله باعتراف دولي لا سيّما في إطار ما كتبه من رسائل استنكر فيها انتهاكات حقوق الإنسان الّتي تتعرّض لها أكثر الفئات ضعفًا.
مساع متواصلة نحو عدالة متتظرة
إذا عدنا في الذاكرة إلى ما حملته الأعوام الفائتة من جهود ومساع نحو العمل في سبيل حماية حقوق الإنسان، نلحظ أنّ مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان أجرت دراسة في العام 2006 خلصت فيها إلى التأكيد على أنّ الحقّ في معرفة الحقيقة بشأن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإنتهاكات الخطيرة لقانون حقوق الإنسان هو حقّ غير قابل للتصرّف ومستقل. كما تشير إلى أنّ واجب الدولة يكمن في حماية وضمان حقوق الإنسان وإجراء تحقيقات فعّالة وضمان الإنتصاف والتعويض الفعّالين.
ولفتت الدراسة إلى أنّ الحقّ في معرفة الحقيقة مرتبط بمعرفة الحقيقة كاملة من دون نقصان أي بكلّ تفاصيلها، من وقائع يُكشف عنها، وكذلك الظروف الّتي أحاطت بها ومن شارك فيها، إضافةً إلى معرفة الظروف الّتي وقعت فيها الإنتهاكات وأسبابها.
أمّا في العام 2009، فأصدر مكتب مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان تقريرًا حدّد فيه أفضل الممارسات الكفيلة "بإعمال الحقّ في معرفة الحقيقة إعمالًا فعّالًا"، لا سيّما الممارسات ذات الصلة بالمحفوظات والسجلات الّتي تخصّ الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وبرامج حماية الشهود وغيرهم من الأشخاص المعنيّين بالمحاكمات المرتبطة ﺑﻬذه الإنتهاكات.
آملين أن نعيش في عالم مُفعم بالسلام والعدالة والكرامة بعيدًا عن كلّ إنتهاك يهدّد حياة الإنسان.
في اليوم الدولي للحقّ في معرفة الحقيقة في ما يتعلّق بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا، تحيّة سلام وإجلال إلى أرواح جميع الضحايا وإلى كلّ من صبر وساهم وعمل وصلّى من أجل معرفة حقيقة الإنتهاكات، وإن غابت عدالة الأرض فعدالة السماء لن تغيب.
لكن أمام كلّ هذه الآمال، هل أنتجت المواثيق والمعاهدات الدوليّة الخاصّة بحقوق الإنسان ثمارها؟
نضع السؤال برسم المعنيّين لا سيّما وسط كلّ المآسي الّتي يعيشها إنسان اليوم!