رسالة من البابا فرنسيس إلى الشباب قبل شهر من دخوله المستشفى
ماذا أراد منهم؟
شبيبة العالم تشارك في جنازة قداسته وامتنان لما قدّمه لهم
إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط
ملفّات وقضايا عالميّة كثيرة انشغل البابا فرنسيس في تناولها والبحث فيها داعيًا إلى السلام والمحبّة ومؤكّدًا دعمه لكلّ إنسان على هذه الأرض. لكن وسط كلّ المستجدّات الطارئة الّتي يشهدها العالم، لم ينس قداسته شبيبة العالم الّذين يتخبّطون بدورهم في تحدّيات الحياة، فحمل خلال كلّ فترة حبريّته همومهم وهواجسهم وكان لهم الأب والمرشد والصديق الأقرب إلى الربّ.
"تعلّموا الإصغاء إلى الآخرين"، هذا ما طلبه البابا فرنسيس من الشباب في رسالة سجّلها عبر الفيديو قبل شهر من دخوله المستشفى، مذكّرًا بأهميّة الإصغاء أثناء الحديث مع الآخرين ومشدّدًا على الإصغاء إلى الأجداد فهم يعلّموننا الكثير.
في ظلّ ضجيج كبير يحيط بالشباب اليوم مع ضغوط يوميّة لامتناهية، أراد الحبر الأعظم التأكيد على ضرورة التمهّل والإصغاء، فقال في رسالته "أعزّائي الفتيان والفتيات، أحد أهمّ الأشياء في الحياة هو الإصغاء — أن تتعلّموا كيفيّة الإصغاء. عندما يتحّدث إليكم أي شخص، انتظروا حتّى ينهي كلامه كي تتمكّنوا من فهم ما يريد، ومن ثمّ يمكنكم الردّ إن أردتم ذلك. لكن الأهمّ هو الإصغاء".
ولفت البابا فرنسيس إلى أنّ العديد من الأشخاص عاجزين فعلًا عن الإصغاء لأنّهم يعمدون على صياغة ردّهم أثناء حديث الآخرين. وأشار إلى أنّ الناس لا يصغون فيتسرّعون بإجاباتهم وهذا لا يخدم السلام "إصغوا، إصغوا كثيرًا".
وبحسب موقع الفاتيكان، جاءت رسالة قداسته في فيديو تمّ تسجيله في 8 كانون الثاني/ يناير الفائت في كازا سانتا مارتا، حيث توجّه فيه إلى الشباب المشاركين في "ورشات الإصغاء"، وهي مبادرة أطلقها لوكا دروسيان في إيطاليا كتجمّع يرمي إلى مناقشة مواضيع مختلفة بغية استكشاف الإصغاء إلى الآخرين.
علمًا أنّه تمّ إصدار الفيديو للمرّة الأولى يوم الأحد الّذي تلا صلاة جنازة البابا فرنسيس حيث نشرته المجلّة الأسبوعيّة الإيطاليّة Oggi "اليوم".
الشباب الّذين لطالما انتظروا توجيهات قداسته وإرشاداته الّتي منها يتسمدّون كلّ رجاء وتعزية، يرفعون صلواتهم اليوم لراحة نفس بابا السلام والتواضع. كما أنّ آلاف الشبان والشابات توافدوا من إيطاليا ومختلف أنحاء العالم إلى ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان للمشاركة في جنازة الحبر الأعظم.
حضورهم في مراسم الجنازة كان لافتًا حيث بثّوا جوًّا من الأمل وسط مشاركة وفود رسميّة وكنسيّة كثيرة تمثّل دول العالم وحشود غفيرة من المؤمنين. وفي حديث لموقع فاتيكان نيوز أعرب بعض الشباب عن ثقتهم بأنّ الحبر الأعظم الراحل سيبقى إلى جانبهم، بطريقة أو بأخرى، مشدّدين على أنّه عرف كيف يقرّب الأجيال الشابة من الكنيسة.
وفي قدّاس الفاتيكان يوم الأحد لتكريم الرحمة الإلهيّة والّذي خُصّص من أجل البابا فرنسيس، دعا الكاردينال بيترو بارولين الشباب إلى تبنّي تعاليم البابا الراحل في ما يخصّ الرحمة، حتّى يتمكّنوا من اكتشاف الطريق إلى السلام في علاقاتهم الشخصيّة وفي العالم بأسره.
فضيلة الرحمة تبنّاها قداسته حتّى الرمق الأخير، مدافعًا عن المظلومين والمهمّشين والمعوزين فكان مثالًا لكلّ الحركات والجماعات الشبابيّة الّتي تسعى بدورها إلى بلسمة جراح الأكثر ضعفًا، علّ قادة العالم يتّخذون أيضًا قداسته مثالًا لهم في كلّ خطوة يقومون بها.
لكن للأسف ما زال العالم ينزف وما زالت الإنسانيّة في خطر!