الوحدة المسيحية هي واحدة من اهتمامات البابا لاون الرابع عشر

برنامج عمل نحو عالم أكثر سلامًا

إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط

"لقد وقع عليّ الاختيار بدون استحقاق، وبخشوعٍ ورعدة آتي إليكم كأخٍ يريد أن يكون خادمًا لإيمانكم وفرحكم، ويسير معكم في درب محبّة الله، الّذي يريدنا جميعًا متّحدين في عائلةً واحدة"، بهذه الكلمات أعلن البابا لاون الرابع عشر نهج حبريّته كبرنامج مُفعم بالخدمة والمحبّة والأخوّة، وذلك في قدّاس بداية خدمته البطرسيّة يوم الأحد.

عائلة واحدة شدّد عليها الحبر الأعظم وهو يدرك تمامًا مدى معاناة العائلة الإنسانيّة اليوم جرّاء الحروب والصراعات والأزمات الّتي ندّد بها في لقائه مع ممثّلي الكنائس والطوائف الكنسيّة الأخرى وممثّلي الديانات الأخرى. وبين "لا" و"نعم"، دعا الأسقف الإرسالي وحفيد المهاجرين إلى ضرورة التحرّر من كلّ نزعة إيديولوجيّة أو سياسيّة.

"لا" للحرب و"نعم" للسلام، "لا" لسباق التسلّح و"نعم" لنزع السلاح، "لا" لاقتصاد يُفقِر الشعوب والأرض و"نعم" للتنمية المتكاملة". هذا ما قاله البابا أمام ضيوفه مؤكّدًا أنّ شهادة الأخوّة ستُسهم حتمًا في بناء عالم أكثر سلامًا.

وفيما السلام أصبح حلمًا لدى شعوب كثيرة تعاني الويلات والمآسي، باتت الوحدة المسيحيّة والإنسانيّة ضروريّة لتخطّي مصاعب الحياة وتحدّياتها، فهل من يدرك فعلًا أهميّة هذه القضيّة وخطورتها؟ سؤال نضعه برسم المعنيّين من قادة العالم وصانعي القرار!

 

شركة كاملة

أمّا على الصعيد الفاتيكاني، فبات لافتًا إلى أنّ البابا لاون يحمل في قلبه هاجس الوحدة المسيحيّة والتقارب مع مختلف الديانات والجماعات. مسار أراد قداسته أن يتابعه خلفًا لأسلافه، وهكذا شائت الإرادة الإلاهيّة أنّ يتمّ انتخابه بابا في سنة الذكرى الـ1700 على انعقاد المجمع المسكوني الأوّل في نيقية. هذا المجمع الّذي يُعتبر محطّة مفصليّة في بلورة قانون الإيمان الّذي تشترك فيه جميع الكنائس والجماعات الكنسيّة.

"السير معًا" شعار شدّد عليه البابا في لقائه مع ممثّلي الديانات يوم الاثنين مشيرًا إلى أنّه في حين "نسير نحو استعادة الشركة الكاملة بين جميع المسيحيّين، نُدرك أنّ هذه الوحدة لا يمكنها أن تقوم إلّا على وحدة الإيمان. وكأسقف روما، أعتبر من واجبي الأساسي السعي إلى إعادة الشركة الكاملة والمرئيّة بين جميع الّذين يعترفون بالإيمان الواحد بالله الآب والابن والروح القدس".

 

هاجس وضرورة

وفي ظلّ العديد من المساعي والحوارات من أجل الوحدة المنتظرة، أكّد قداسته على أنّ سعيه إلى هذه الوحدة لم يكن يومًا أمرًا عرضيًّا، بل كان دائمًا هاجسًا مستمرًّا في حياته. وهذا ما يدلّ عليه الشعار الّذي اتّخذه لخدمته الأسقفيّة In Illo uno unum. شعار يحمل عبارة للقدّيس أوغسطينوس تذكّرنا بأنّنا "واحد في المسيح الواحد". لكن ماذا عن تحقيق الشركة؟ هل هي أيضًا حلم أم مسار متواصل؟

يشير الحبر الأعظم إلى أنّ "شركتنا تتحقّق بقدر ما نتّجه معًا نحو الربّ يسوع المسيح. فكلّما كنّا أكثر أمانةً وطاعةً له، ازددنا اتّحادًا بعضنا ببعض. لذلك، كمسيحيّين، نحن مدعوّون جميعًا إلى الصلاة والعمل سويًّا لكي نبلغ، خطوةً بعد خطوة، هذه الغاية، الّتي تبقى في جوهرها ثمرةً لعمل الروح القدس".

في هذا السياق، يلفت البابا لاون إلى أنّه يعي تمامًا الترابط العميق بين المسكونيّة والسينودسيّة، ويؤكّد نيّته "في متابعة الجهد الّذي بدأه البابا فرنسيس في تعزيز الطابع السينودسي للكنيسة الكاثوليكيّة، والسعي إلى تطوير أشكال جديدة وملموسة تُسهم في إغناء البُعد السينودسي أيضًا في المجال المسكوني".

 

الّا أنّ المسكونيّة لا تقتصر فقط على تقريب المسافات بين المسيحيّين وإنّما أيضًا على بناء جسور المحبّة والتآخي بين مختلف الديانات والجماعات في سبيل حياة أكثر أمانًا واستقرار. وهذا ما دعا إليه الحبر الأعظم حين قال: "يمكن لمسيرتنا المشتركة بل يجب، أن تُفهم أيضًا بمعناها الواسع، الّذي يشمل الجميع، في روح الأخوّة الإنسانية... إنّ زمننا هو زمن الحوار وبناء الجسور".

وصحيح أنّ هذا المسار يواجه تحدّيات عدّة لكن تضافر الجهود والعمل معًا بإيمان عميق ورجاء كبير سيؤدّي حتمًا إلى نتائج ملموسة في عالم خال من الظلم واللّاعدالة.

Previous
Previous

فيديو - الطائفية

Next
Next

القِدّيسة ليديا بائعة الأرجوان