أجيال مسكونية تتعاقب
ألقى الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط البروفسور ميشال عبس هذه الكلمة في اللّقاء الّذي نظّمته رابطة الكليّات والمعاهد اللّاهوتيّة في الشرق الأوسط ATIME، تحت عنوان "مجمع نيقيا، إيمان الكنيسة من كرازة الرسل إلى بشارة اليوم"، في كليّة اللّاهوت للشرق الأدنى NEST – بيروت.
البروفسور ميشال عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
المسيح قام!
وفي السنة الالف وسبعمئة بعد مجمع الوحدة، ها هم تلاميذك أيها السيد، قد أتوا بأعداد غفيرة، من كل بقعة من بقاع منطقة تجسدك، يشهدون على وحدتهم، والعروة الوثقى التي تجمعهم، على أساس الايمان الخلاصي، الذي ينقذ البشرية من الشر والخطيئة.
نعم، نحن في الهيئة المسكونية التي تجمع كنيستك في الشرق الأوسط، جمعنا الكليات التي تدرس لاهوتك، في رابطة اخذت على عاتقها وحدة بيعتك على طريقتها الخاصة، ومن دون تذويب خصوصيات تجلي كنيستك المتنوعة.
في رابطة الكليات والمعاهد اللاهوتية، المنبثقة من مجلس كنائس الشرق الأوسط، الذي ما زال يشهد منذ نصف قرن على وحدة بيعتك، نقوم بتحضير أجيال وحدوية التطلع والنهج. "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي." (يو 17: 21).
على اسمك نحن اجتمعنا، ونجتمع، نعيش معا تجربة شبابية، جامعية، لاهوتية، نتحضر عبرها للعبور الى عالم المسكونية، حيث نحن مدعوون للعمل معا على نشر العقيدة التي انقذت البشرية.
في تجربة الرابطة يتعلم خدام رعايا الغد كيف يعملون معا، وكيف يصبحون واحدا في الرؤية والاهداف، مع حفاظ كل واحد منا على خصوصية مسيحيته التي اعتنقتها حضارته او امته، مما يجعله ينظر بشغف الى مكونات ايمان زميله في الرابطة وأخيه في الايمان.
قيادات الحركة المسكونية في منطقتنا اليوم، ورأس هذه الحركة مجلس كنائس الشرق الأوسط، هم خريجو هذه الرابطة التي وُلدت في ساعة مباركة، وتوقف عملها في ساعة تخلٍ، واعيد العمل بها في ساعة عزم. الرابطة أضحت معجن القيادات المسكونية الذين يتنكبون مهمة جمع أبناء الرب، احباب المخلص، في بوتقة تفاعلية ايمانية تشكل نواة لوحدة مجتمعية عتيدة، فالمسكونية، اذ هي تتوق الى وحدة المسيحيين، انما هي مشروع خلاصي لكل أبناء المسكونة.
بين كرازة الرسل، وبشارة اليوم، مسار مضرج بدماء الشهداء، ومرصع بالبطولات، ومشبع بالفكر الأبائي، ومزيّن بالإنشاد الايماني.
اجتماعكم اليوم، في القرن السابع عشر لمجمع نيقيا، يؤكد ان الشهادة مستمرة، وان الكرمة الوارفة الظلال تتمدد تدريجيا لكي تغطي المعمورة، في تظاهرة وحدوية حديثة، تجعل ان تأخذ الوحدة المسيحية اشكالا مختلفة، لا تمس بجوهر المعتقد.
كونوا معا في كل ما تفعلون، تشاركوا في مقاصدكم، تعاضدوا في جهودكم، تموضعوا بالطريقة الفضلى لخدمة الايمان الخلاصي، تكاملوا في خدمة المجتمع، وكونوا خير شهود لخير معلم، ذاك الذي تجسد من اجل خلاصنا.
وفي المستقبل غير البعيد، تشاركوا في المؤسسات المسكونية، واحتضنوا الصغير والكبير من مؤسساتكم، فالعبرة ليست بالعدد، بل بالدور الذي تضطلع به مؤسساتكم، وبالتأثير الذي تفعله في المجتمع، فاتحة للعالم سبلا جديدة في العلاقات الإنسانية والمهنية وغيرها.
كونوا رسل انفتاح وحوار، وحاوروا بطول اناة، مستوعبين من هم من غير رأيكم، فخلاف الرأي لا يفسد للود قضية. كونوا رسل إنسانية، لأنها ابنة المحبة، التي لا تسقط ابدا، والتي حددت مسار الرقي في المجتمعات. كونوا غفورين، لان الذي لا فناء لملكه، غفر في ذروة وجعه الأرضي على الصليب. خذوا الموعظة على الجبل دليل عملكم اليومي، الى جانب الكتب المقدسة، وعلموها للناس، لعل فيها هدى لبشرية تمادت في الضلال.
خلال دراستكم اللاهوتية، اضيفوا الى البعد المسكوني، الضروري والخطير، البعد الإنساني الذي يعطي لرسالتكم لون السماء، ولا تنسوا ان الانسان روح ومادة، ولا ينفع ان نطور أحد هذين البعدين على حساب الاخر، اذ ان ذلك، ان حصل، فانه ينتج انسانا غير سوي.
في نهاية كلمتي، لا بد لي ان أوجه تحية اكبار الى قدس الإباء، الأرشمندريت العميد يعقوب خليل، رئيس الرابطة، والأب البروفسور مخايل قنبر، الأمين التنفيذي للرابطة، والأب البروفسور بسام ناصيف، الأمين التنفيذي المشارك للرابطة، على الجهود الكبيرة التي بذلوها من اجل جعل الرابطة حيزا ايمانيا حيويا، يصهر جيلا بعد جيل، خدام رعايا الغد، الوافدين من خلفيات مختلفة. بارك الرب بكم قياديين من عساكر السما، تنهجون بالحق والمعرفة. لكم من مجلس كنائس الشرق الأوسط كل تقدير على السوية العالية من الأداء والتي تتحول الى قدوة لمن سوف يحمل مشعل الرابطة من بعدكم.
حقا قام!