تأمّل غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا: عيدِ سيدةِ فلسطينَ 2024
نقلًا عن موقع بطريركيّة القدس للّاتين.
تجدون في التالي تأمّل غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، في الأحدُ الثلاثون من الزمنِ العاديِّ ب، السبت 26 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2024. في ديرُ رفات.
الإخوةُ الأساقفةُ الكرام،
الأخواتُ والإخوةُ الأعزاء،
ليكنْ سلامُ الربِّ معكم!
كما في كلِّ عامٍ، نجتمعُ اليومَ في هذا المكانِ، عندَ أقدامِ شفيعةِ أبرشيتنا، سيدةِ فلسطين، لنصلّيَ أولًا من أجلِ كنيستنا، ومن أجلِ أرضنا المقدسة، ومن أجلِ جميعِ الشعوبِ. وكما هي الحال، نضعُ أمامَ العذراءِ آلامَنا وأتعابَنا. نجدُ أنفسَنا أمامَ وطأةِ هذه الحربِ التي أرهقتنا جميعًا كما لم يحدثْ من قبل. لا أودُّ تكرارَ ما قلتُه مرارًا حولَ الحربِ. لم نشهدْ في العقودِ الأخيرةِ قدرًا من العنفِ والكراهيةِ كهذا. باتَ من الصعبِ حقًّا رؤيةُ بصيصِ نورٍ في هذه الليلةِ الطويلةِ من الألم.
ومعَ ذلك، لا نريدُ ولا يمكننا الاستسلامَ للغطرسةِ، ولقوةِ العنفِ، ولدائرةِ الانتقامِ، أو الوقوفَ مكتوفي الأيدي أمامَ هذا الدمارِ الإنساني. لذلك نحن هنا، طالبينَ شفاعةَ العذراءِ، أن تمنحَنا القوةَ والشجاعةَ لنواصلَ إيمانَنا بنعمةِ محبّةِ الله، ونسألَ القوةَ لنستمرَّ في أن نكونَ هنا، في الأرضِ المقدسة، جماعةً من الرجالِ والنساءِ الساعينَ لبناءِ علاقاتٍ قائمةٍ على الحياةِ، والمحبّةِ، والكرامةِ، والعدالةِ.
القراءةُ من سفرِ الرؤيا تعبّرُ بطريقةٍ ما عن واقعِنا الذي نعيشُه. حيثُ يُذكرُ "تَنِّينٌ كَبِيرٌ أَحْمَرُ لَهُ سَبْعُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ، وَذَنَبُهُ جَرَّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ وَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ" (رؤيا 12: 3-4). إنها وصفٌ دقيقٌ لقوةِ الشرِّ في العالمِ، لسلطةِ الشيطان. الأرقامُ السبعةُ والعشرةُ هي أرقامٌ تدلُّ على الكمالِ، تشيرُ إلى القوةِ، وكذلك التيجانُ، وتوضحُ مدى قوةِ وسيطرةِ الشرِّ، وقدرتِه على التسببِ في دمارٍ هائلٍ.
ولكن على الرغمِ من قوّتِه، فإنَّ هذا المسيطرَ غيرُ قادرٍ على إخضاعِ "المرأةِ المتسربلةِ بالشمسِ" ولا على الابنِ الذي على وشكِ أن تلده. هذا يذكرُنا بحقيقةٍ عظيمةٍ: في حياتِنا، سنواجهُ دائمًا الشرَّ الذي يسودُ في العالمِ. ولكن هذا الشرَّ، الشيطان، رغمَ قوّتِه العظيمةِ، فهو عاجزٌ أمامَ قوةِ امرأةٍ على وشكِ أن تلدَ طفلًا، أمامَ قوةِ المحبّةِ التي تولدُ الحياةَ. هناك، لا يجدُ الشرُّ، الشيطانُ، مجالًا للتجذرِ، لا يمكنُه أن يخدعَ بأكاذيبِه. لا يستطيعُ أيُّ تنينٍ أن ينتصرَ أمامَ المحبّةِ التي تُمنحُ؛ لا توجدُ أسلحةٌ فعّالةٌ ضدَّ من يمنحُ الحياةَ من أجلِ المحبّةِ…
هذا التأمّل نُشر على موقع بطريركيّة القدس للّاتين، لقراءة المزيد إضغط هنا.