قداسة البابا فرنسيس: السينودس هو ممارسة الفنّ السيمفوني، جميعنا معًا مع خدمات ومواهب مختلفة

في كلمته في افتتاح الجلسة الأولى للجمعيّة العامة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة حول السينودسيّة، أكّد قداسة البابا فرنسيس على أنّه يجب تحديد الأشكال المختلفة للممارسة "المجمعيّة" و"السينودسيّة" للخدمة الأسقفيّة.

افتتح قداسة البابا فرنسيس عصر الأربعاء في الفاتيكان أعمال الدورة الثانية للجمعيّة العامة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة حول السينودسيّة وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها منذ أن تمّت "دعوة كنيسة اللّه إلى سينودس" في تشرين الأوّل/ أكتوبر ٢٠٢١، سرنا معًا جزءًا من المسيرة الطويلة التي يدعو اللّه الآب شعبه إليها دائمًا، إذ يرسله إلى جميع الأمم لكي يحمل الإعلان الفرح بأن يسوع المسيح هو سلامنا، ويثبّته في رسالته بروحه القدّوس. على هذه الجمعيّة العامة، إذ يرشدها الروح القدس الذي "يليِّن ما كان صلبًا، ويُضرم ما كان باردًا، ويقوّم ما كان ملتويًا"، أن تقدم مساهمتها من أجل تحقيق كنيسة تكون سينودسيّة حقًا وفي رسالة، تعرف كيف تخرج من ذاتها وتقيم في الضواحي الجغرافية والوجودية، وتحرص على إقامة روابط مع الجميع في المسيح، أخينا وربنا.

تابع قداسة البابا فرنسيس يقول هناك نص لكاتب روحي من القرن الرابع يمكنه أن يلخص ما يحدث عندما نعطي الروح القدس المجال لكي يعمل، انطلاقًا من المعمودية التي تخلق الجميع في كرامة متساوية. وتسمح لنا الخبرات التي يصفها بأن نعترف بما حدث خلال هذه السنوات الثلاث، وما يمكنه أن يحدث بعد. إنّ تفكير هذا الكاتب الروحي يساعدنا لكي نفهم أن الروح القدس هو مرشد أمين، ومهمتنا الأولى هي أن نتعلم أن نميِّز صوته، لأنه يتحدث في كل شيء ومن خلال الجميع: فهل جعلتنا هذه العملية السينودسية نختبر ذلك؟

أعمال الدورة الثانية للجمعيّة العامة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة

أضاف الأب الأقدس يقول إنّ الروح القدس يرافقنا على الدوام. إنه تعزية في الحزن والبكاء، ولاسيما عندما – وبسبب المحبة التي نكنها للبشرية – إزاء الظلم الذي يسود، والعناد الذي نواجهه عندما نجيب بالخير أمام الشر، وصعوبة المغفرة، وغياب الشجاعة في السعي للسلام، نصاب بالإحباط، ويبدو لنا أنه لم يعد هناك ما يمكن فعله، فنستسلم لليأس. إنّ الروح القدس يمسح الدموع ويعزي لأنه ينقل لنا رجاء الله. الله لا يتعب، لأن محبته لا تتعب. إنّ الروح القدس يتغلغل في ذلك الجزء منا الذي غالبًا ما يشبه قاعات المحاكم، حيث نضع المتهمين في قفص الاتهام ونصدر أحكامنا، غالبًا بالإدانة. هذا الكاتب نفسه، في عظته، يقول إن الروح القدس يشعل نارًا، "نار، إذا أمكنها ستترك الكثير من الفرح والمحبة، في قلوب الجميع، صالحين وطالحين، بدون أي تمييز." وذلك لأن الله يقبل الجميع دائمًا، ويمنح الجميع فرص حياة جديدة، حتى اللحظة الأخيرة. لهذا يجب علينا أن نغفر للجميع دائمًا، مدركين أن الاستعداد للمغفرة يولد من خبرة أننا قد نلنا المغفرة.

تابع الحبر الأعظم يقول، خلال عشيّة التوبة، عشنا هذه الخبرة. طلبنا المغفرة، واعترفنا بأننا خطأة. تركنا جانبًا الكبرياء، وابتعدنا عن الغرور الذي يجعلنا نشعر أننا أفضل من الآخرين. هل أصبحنا أكثر تواضعًا؟ إنّ التواضع أيضًا هو عطية من الروح القدس. التواضع، كما تشير إليه أصول الكلمة، يعيدنا إلى الأرض، إلى التراب، ويذكرنا بالبداية حيث لولا نفخة الخالق لبقينا طينًا بلا حياة. إنّ التواضع يسمح لنا أن ننظر إلى العالم وأن نعترف أننا لسنا أفضل من الآخرين. كما يقول القديس بولس: "لا تطمعوا في المعالي". ولا يمكننا أن نكون متواضعين بدون محبة. ينبغي على المسيحيين أن يكونوا مثل النساء اللواتي وصفهن دانتي أليغييري في أحد أشعاره، نساء يحملن الحزن في قلوبهن لفقدان والد صديقتهن بياتريس: "أنتنَّ اللواتي لديكنَّ مظهرًا متواضعًا، بعيون منخفضة، وتظهرنَ الحزن". هذا هو التواضع التضامني والمتعاطف، للذين يشعرون أنهم إخوة وأخوات للجميع، ويعانون الألم نفسه، ويرون في جراح كل شخص، جراح ربنا.

أضاف الأب الأقدس يقول أدعوكم للتأمل حول هذا النص الروحي الجميل، وللاعتراف بأن الكنيسة – التي هي في تجدد دائم – لا يمكنها أن تسير أو تتجدد بدون الروح القدس ومفاجآته؛ وبدون أن تسمح بأن تصوغها يدا الله الخالق، الابن يسوع المسيح، والروح القدس، كما يعلمنا القديس إيريناوس أسقف ليون. في الواقع، منذ أن خلق الله في البدء الرجل والمرأة من التراب؛ ومنذ أن دعا الله إبراهيم لكي يكون بركة لجميع شعوب الأرض، ودعا موسى لكي يقود عبر الصحراء شعبًا حرره من العبودية؛ ومنذ أن قبلت العذراء مريم الكلمة التي جعلتها أم ابن الله بحسب الجسد وأم كل تلميذ وتلميذة لابنها؛ ومنذ أن أفاض الرب يسوع، المصلوب والقائم من بين الأموات، روحه القدوس في يوم العنصرة: منذ ذلك الحين ونحن نسير في هذا الدرب، كأشخاص نالوا الرحمة"، نحو التمام الكامل والنهائي لمخطط الحب الذي وضعه الآب…

هذا التقرير نُشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

حصاد الرياضة الروحيّة للمشاركين في الدورة الثانية من الجمعيّة العامة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة بروما بمشاركة غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق

Next
Next

غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يشارك في الجلسة الإفتتاحية الرسميّة للدورة الثانية من الجمعيّة العامة السادسة عشرة لسينودس الأساقفة الروماني برئاسة قداسة البابا فرنسيس، الفاتيكان