عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في الأحد السابع والاخير من زمن الصليب

تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد السابع والاخير من زمن الصليب، يوم الأحد 27 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2024، في الصرح البطريركيّ في بكركي، لبنان.

"كنت جائعًا، فأطعمتموني" (متى 35:25)

1. هذا الاحد هو الأخير من زمن الصليب، زمن النهايات والواقعات الجديدة. وهو أحد الدينونة العامة التي يجريها المسيح في مجيئه الثاني والأخير، فيجلس على عرشه ملكًا، بعد ان اتى في مجيئه الأول مخلصًا للبشر اجمعين، وفاديًا لكل انسان. وكان يأتي في كل يوم طالبًا من كل انسانًا شهادة له: "كنت جائعًا، فأطعمتموني" (متى 35:25).

2. يسعدني ان أرحب بكم جميعًا، بعد عودتي من روما حيث تشرّفت بمقابلة قداسة البابا فرنسيس وقدمت له ثلاث وثائق عرضت فيها لقداسته: أولا: الوضع السياسي الراهن في لبنان ومسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ثانيًا: الوضع الإنساني والاجتماعي في ظل العدوان الحاصل على لبنان وقضية النزوح ومواكبة الكنيسة ومؤسساتها له، وثالثًا: بيان القمة الروحية المسيحية- الإسلامية التي انعقدت يوم الأربعاء 16 الجاري في بكركي. واكد قداسته صلاته الدائمة للبنان وشعبه كما ابدى حرصه الشديد على المحافظة على دور لبنان ورسالته في التعددية والحوار بين الأديان وعلى رسالة المسيحيين فيه. بعد لقائي مع قداسة البابا التقيت نيافة الكردينال بياترو بارولين أمين سر حاضرة الفاتيكان وناقشنا بمواضيع الوثائق الثلاث المذكورة.

وفي الفاتيكان ايضًا، شاركت في احتفال تقديس الطوباويين الاخوة المسابكيين الثلاثة فرنسيس وعبد المعطي وروفائيل، الاحد الماضي 20 تشربن الأول، مع عدد من مطارنة كنيستنا المارونية وثمنمائة شخص ماروني أتوا من مختلف المناطق اللبنانية ومن دمشق ومن سائر بلدان الانتشار مع مطارنتهم، بالإضافة الى البطاركة والكرادلة والمطارنة المشاركين في سينودس الأساقفة الروماني، الذي يختتم اعماله اليوم بقداس يترأسه قداسة البابا فرنسيس. وأقمت مساء الاثنين الماضي قداس الشكر لله على عطية الشهداء القديسين الثلاثة، وللقديسين أنفسهم، ولقداسة البابا فرنسيس الذي امر بكتابة أسمائهم في سجل القديسين، وبالاحتفال بعيدهم في جميع الكنائس في العاشر من تموز، ذكرى استشهادهم سنة 1860.

3. القديسون الاخوة المسابكيون الثلاثة هم اخوة علمانيون موارنة من دمشق، كانوا يعيشون حياة مسيحية مثالية كلّلوها باستشهادهم في احداث 1860 المؤلمة التي راح ضحيتها اثنا عشر ألف بين موارنة ومسيحيين في سوريا ولبنان.

ففرنسيس تاجر الحرير المعروف بنزاهته في دمشق ولبنان، وصاحب ثروة كبيرة نالها بضميره المهني الحي، وكان رجل صلاة يومية، ويحضر القداس الإلهي ويتناول جسد الرب كل يوم مع عبادة خاصة للسيدة العذراء. وقد ظهرت الفضائل المسيحية على محياه وفي كلامه وتصرفاته وأعماله. كان ربُّ عائلة مؤلفة من ثمانية أولاد.

وعبد المعطي قضى حياته بالتعليم والتدريس في مدرسة الفرنسيسكان، وبشهادة ابنه نعمه، كان بعد صلاته اليومية الصباحية، يذهب إلى كنيسة الفرنسيسكان، ويحضر القداس، وهو جاث على ركبتيه، ويتقدم من سر المناولة الإلهية. ويوم خميس الأسرار مساءً يذهب إلى الكنيسة ويجثو على ركبتيه نصبا إلى الصباح، ويبقى في الدير إلى ليل الأحد عند منتصف الليل، فيمضي إلى الكنيسة المارونية لأجل حضور القداس والمناولة الفصحيَة. كان ربُّ عائلة مؤلفة من خمسة أولاد.

وروفائيل، رجلٌ تقيٌ يعيش في كنف إخوته. وكان مثال الطهارة والبساطة المسيحية. كان يخدم عائلتي شقيقيه والرهبان الفرنسيسكان الذين كان يزورهم يوميًا. وكان متبتلًا كل حياته.

4. بالعودة الى انجيل اليوم، فانّا على المحبة سندان. وقد فصّلها المسيح الرب في ستة قطاعات مادية وروحية وثقافية واخلاقية.

فالجوع يشمل الحاجة الى الخبز والغذاء من جهة، والى العلم والتربية، والى اعتبارٍ وتفهّم من الناس.

والعطش يمتدّ من الماء الى الحقيقة والعدالة والمحبة والحرية، وتحقيق الذات والحلم في تحقيق مشروع الحياة.

والغربة تطاول الشخص الموجود في ارض وبلد وبيئة غريبة لا ينتمي اليها. لكنها تمتدّ الى كل من يشعر بغربة بين اهله، بسبب عدم تفهّمهم له ولأفكاره الجديدة ولتطلعاته؛ او في مجتمعه الذي لا يتقبّله لأنه مختلف في أصله ودينه وثقافته وانتمائه السياسي وجنسيته.

والعري لا يقتصر على اللباس وأثاث البيت، كما هي حالة الفقر المدقع، وحالة النازحين والمهجّرين قسرًا من بيوتهم، بل يشمل انتهاك الصيت والكرامة بالنميمة والكذب، وبالكلام الباطل.

والمرض متنوّع: فثمّة الامراض الجسدية والامراض العصبية والعقلية والفيزيولوجية والنفسية. وتوجد الامراض الروحية مثل حالة الخطيئة والبغض والحقد والميل الى الشر، واليأس؛ والامراض الأخلاقية كالكبرياء والادّعاء والدعارة الجنسية والادمان على المخدرات والكحول ولعب القمار.…


إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا يترأَّس عيد أهم شفيعة لأبرشية القدس، العذراء مريم

Next
Next

انتخاب غبطة البطريرك يوسف العبسي عضوًا في الأمانة العامة لسينودس الأساقفة