موعظة عيد الميلاد المجيد التي ألقاها قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يوم عيد الميلاد
ننشر أدناه النص الكامل لموعظة عيد الميلاد المجيد التي ألقاها قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة في العالم، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، - كاتدرائية مار جرجس البطريركية، باب توما - دمشق (٢٥ كانون الأول ٢٠٢٤):،
لَا تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ ٱلشَّعْبِ" (لوقا 2: 10 )
إنه الملاك يطمئن الرعاة الذين يحرسون قطيع الأغنام في بيت لحم مبشّراً إيّاهم بفرح عظيم يكون، ليس لهم فقط بل لكلّ العالم. إنّه يهدّئ من روعهم ويدعوهم إلى السكينة والاطمئنان وسط مخاوف تمتلك قلوبهم، واضطراب يملأ نفوسهم، وهواجس تسيطر عليهم وهم يتساءلون فيما بينهم عن سرّ هذا المنظر الرهيب حيث الملائكة يملأون سماء بيت لحم. وما سبب هذا الفرح العظيم الذي يبشّرهم به الملاك؟ هو ميلاد طفل عجيب من أمّ عذراء لم تعرف رجلاً. هو طفل ليس كباقي الأطفال بل هو قديم الأيّام كما يدعوه دانيال النبي (دانيال ٧ :٢٢). هو العجيب المشير ، الإله القدير، الأب الأبدي، ورئيس السلام كما يسمّيه إشعياء النبي (إشعياء ٩ :٦).
ولكن الفرح الذي بشّر به الملائكة الرعاة، لا يرتبط فقط بولادة الطفل يسوع، كلمة الله المتجسّد، بل يتعدّاه إلى مفاعيل هذا التجسّد الالهي الذي يدعو إلى عالم جديد فيه يتمجّد الله في العلى وينتشر السلام على الأرض وتمتلئ قلوب بني البشر بالرجاء الصالح. كما أنشدت جوق الملائكة الذين ظهروا بغتة بعد بشارة الملاك للرعاة (لوقا ٢ :١٤).
هذه الأنشودة الملائكية تحمل بشرى عظيمة بالفرح بميلاد الرب يسوع، هي رسالة تُبدَّد بواسطتها كل مخاوفنا وهواجسنا، لأنّها تعلن عن نزول الله ليكون بجانب شعبه لا بل معه فهو (عمانوئيل – اي الله معنا). نحن إذاً نؤمن أنّ الله أخذ جسداً وحلّ بيننا ليخلّصنا من خطايانا ويعيدنا إلى مجدنا الذي فقدناه بسبب معصية أبينا آدم. ولا نؤمن بتأليه إنسان كما يظنّ البعض.
أيّها الأحبّاء،
إنّنا نحتفل بعيد الميلاد هذا العام ونحن نشهد ولادة جديدة لبلدنا العزيز سوريا. وكما في كلّ ولادة جديدة هناك مخاض يصحبه الألم ويقترن بالهواجس والمخاوف على مستقبلنا كسوريين بشكل عام وعلى وجودنا المسيحي بشكل خاص. وبهذا شابهنا الرعاة الذين جلسوا في البرية القريبة من بيت لحم، محاطين بظلام دامس، يجتمعون حول نارٍ خافتة تمنحهم القليل من الدفء في وجه البرد القارس، قلقين وخائفين على القطيع الذي نرعاه، وقلوبنا تحمل هموم ومخاوف شعبنا وأبنائنا، وما أحوجنا إلى بشارة جديدة من السماء تطرد الخوف من قلوبنا وتعيد إليها الطمأنينة. فهل نسمع الملاك ينادينا قائلاً: "لَا تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ ٱلشَّعْبِ" (لوقا 2: 10 )
هي بشارة يحتاجها كلّ ساكني هذه المعمورة الذين يتخبّطون في ظلام الشكّ والإلحاد، وتتجاذبهم الأفكار الهدّامة من جهة والفقر والجوع والأوبئة والأمراض من جهة أخرى، ناهيك عن الحروب التي تدمّر البلاد وتقضي على العباد، والناتجة عن طمع الإنسان وجشعه غير المحدود للحصول على المزيد من الثروات والموارد الطبيعية التي تقدر أن تسدّ احتياجات الجميع إذا ما استعملها الإنسان كما أراد الله لنا…
هذه العظة نشرت على صفحة قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني على موقع فيسبوك، لقراء المزيد إضغط هنا.