عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في عيد القدّيس مارون
تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في عيد القدّيس مارون، يوم الأحد 9 شباط/ فبراير 2025، في كاتدرائيّة مار جرجس- بيروت.
"حبّة الحنطة إذا وقعت في الأرض وماتت، أتت بثمرٍ كثير" (يو 12: 24).
فخامة الرئيس،
١.أعدتم لعيد أبينا القدّيس مارون، وهو عيد وطنيّ، رونقه بانتخابكم على رأس الدولة اللبنانيّة، بعد فراغٍ دام أكثر من سنتين في سدّة الرئاسة. فبانتخابكم عادت الثقة بشخصكم إلى قلوب اللبنانيّين، وإلى أسرة الدول العربيّة والغربية وهي ثقة لطالما انتظروها، فأتت بعد طول انتظار.وازدادت بالأمس بتأليف الحكومة اللبنانيّة الجديدة الموصوفة "بالإصلاح والإنقاذ". فنهنّئكم، صاحب الفخامة، ونهنّئ دولة رئيسها القاضي نوّاف سلام، ونهنّئ الوزراء الجدد وجميعهم واعدون، متمنّين لها ولهم النجاح في المهام الكبيرة التي تنتظرهم، وقد جئتم على ذكرها في خطاب القسم. ولكون الحكومة من بركات مار مارون في عيده، نصلّي إليه كي يشفع بها لدى الله فتتمكّن من تنفيذ كلّ "إصلاح وإنقاذ". إنّنا نشكر الله، عزّ وجلّ، على أنّه حمى لبنان ويحميه بفضل صلوات شعبه وأنين الفقراء والمحرومين، ودم الشهداء الذي روى أرضه، والذي "يصرخ من الأرض إلى الله" (تك 3: 10).
فأحييكم، فخامة الرئيس، باسم سيادة راعي الأبرشيّة أخينا المطران بولس عبد الساتر وكهنة الأبرشيّة ورهبانها وراهباتها ومؤمنيها. ونحيّي اللبنانيّة الأولى ودولة رئيس مجلس النواب، ودولة رئيس الحكومة الجديدة، وأصحاب الغبطة والسيادة والفخامة والدولة والمعالي والسعادة وسائر الشخصيّات المحيطة بكم للصلاة في عيد أبينا القدّيس مارون، والتأمّل في فضائله، وما يقوله لنا في الظرف الحاضر.
٢."حبّة الحنطة التي تقع في الأرض وتموت" هي ربّنا يسوع المسيح بامتياز. فهو كحبّة حنطة مات على جبل الجلجلة وقام، فأعطى ثمرة الكنيسة بعنصريها الإلهيّ والإنسانيّ، وتبقى للأبد. وهي في العالم سرّ خلاص لكلّ إنسان. وهي أمّ ومعلّمة لجميع شعوب الأرض. تعلّم الحقيقة بحنان الأمّ وحزم المعلّمة.
والقدّيس مارون هو بمثابة حبّة حنطة ماتت سنة 410 على جبل قورش، بين أنطاكية وحلب، فوُلدت منه الكنيسة المارونيّة السريانيّة الإنطاكيّة، وتنظّمت في دير القدّيس مارون على العاصي في منطقة أفاميا، قلعة المضيق اليوم.
من هذا الدير انتشرت الكنيسة المارونيّة في جبل لبنان في القرن السادس. وفي نهايات القرن السابع نشأت بطريركيّة أنطاكية مستقلّة، تكوّنت هوّيتها ورسالتها بأنّها خلقيدونيّة، ذات طابع رهبانيّ، في شركة تامّة مع الكرسيّ الرسوليّ الرومانيّ، ومتجسّدة في بيئتها اللبنانيّة والمشرقيّة وفي بلدان الإنتشار (راجع المجمع البطريركيّ: هويّة الكنيسة المارونيّة ودعوتها ورسالتها).
٣.تميّز القدّيس مارون بفضائل الحياة النسكيّة في العراء، في خيمة أقامها على أنقاض هيكلٍ وثنيّ، كان يلجأ إليها نادرًا، في منطقة جبل سمعان، في قلعة كالوتا في أبرشيّة قورش على مسافة 30 كلم من مدينة حلب. قضى حياته بالنسك والصلاة والتأمّل في كلام الله. وخصّه الله بنعمة الشفاء، فكانت الجماهير تأتيه من كلّ صوب وكان يشفيهم جسدًا ونفسًا وروحًا بدواء واحد هو الصلاة…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.