عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في عيد دخول المسيح إلى الهيكل

تجدون في التالي عظة غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في عيد دخول المسيح إلى الهيكل، يوم الأحد 2 شباط/ فبراير 2025، في الصرح البطريركي في بكركي - لبنان.

"نورًا ينجلي للشعوب" (لو 2: 32).

1. يسوع ابن أربعين يومًا يقدّمه أبوه إلى الهيكل، ويقبله سمعان الشيخ بين ذراعيه، وكان قد أتى في تلك الساعة إلى الهيكل بوحي من الروح القدس، وقال: "يا ربّ، الآن تطلق عبدك بسلام، بحسب كلمتك، لأنّ عينيّ أبصرتا خلاصك، ذاك الذي أعددته أمام جميع الأمم، "نورًا ينجلي للشعوب" (لو 2: 28-32).

في هذا عيد دخول الربّ إلى الهيكل، تقام رتبة تبريك الشموع، التي ترمز إلى نور المسيح بشخصه وكلامه وأفعاله وآياته. فتؤخذ الشموع إلى بيوت المؤمنين بركةً وتذكيرًا بأن يعكسوا نور المسيح في حياتهم وتصرّفاتهم وأفعالهم.

وقد أصبح هذا العيد منذ سنة 1997 يوم المكرّسين والمكرّسات. فنصلّي من أجل الدعوات الرهبانيّة المقدّسة الرجاليّة والنسائيّة وثباتها، ومن أجل أن يعكس المكرّسون والمكرّسات وجه المسيح بنوره على حياتهم.

2. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا للاحتفال معًا في هذه الليتورجيا الإلهيّة التي نستمدّ فيها نور المسيح يقود خطواتنا. وأوجّه تحيّة خاصّة لعائلة المرحومة نبيهة سمعان غوش زوجة عزيزنا الياس يوسف عازار. فنحيّيه مع أولاده وسائر ذويهم وأنسبائهم. وقد ودّعناها معهم منذ شهرين. وننوّه بابنها المحامي جوزف صاحب الحضور المدنيّ والكنسيّ. فكان الرئيس السابق لبلديّة حيّاطة، ورئيس رابطة الأخويّات السابق في لبنان. نذكر في هذا القدّاس الإلهيّ المرحومة نبيهة، راجين لها الراحة الأبديّة، ولأسرتها العزاء الإلهيّ.

3. عيد دخول الطفل بسوع، إبن الأربعين يومًا، إلى الهيكل، كان في الشريعة القديمة يُقدّم كلّ فاتح رحم إلى الله. ويُفتدى الطفل بتقدمة الفدية، وهي إن كانت العائلة غنيّة تقدّم حملًا، وإن كانت فقيرة تقدّم فرخي حمام أو فرجي يمام (راجع لو 2: 23-24). وهذا ما فعله يوسف ومريم الفقيران، وهما يعترفان بانتماء طفلهما إلى الله القادر وحده أن يهب الحياة.

فبالخضوع والطاعة للشريعة أتمّا كلّ شيء. والطفل يسوع، الإله المتجسّد، هو طاهر نقيّ بريء من كلّ عيب. الطهارة في يسوع طبيعيّة، وفي مريم أمّه الطهارة ملازمة لها بسبب أمومتها وسموّها على سائر الناس.

4. ودخول الطفل يسوع إلى الهيكل هو لقاؤه وسمعان الشيخ، الذي كان عائشًا في الشوق وانتظار الخلاص المسيحانيّ. وقد عرف بوحي من الروح القدس أنّه لن يموت قبل رؤية المسيح الربّ. أتى في ذاك اليوم، بوحي من الروح القدس إلى الهيكل. ولـمّا قدّم أبوا يسوع الطفل إلى سمعان، هتف وبوحي من الروح، والطفل بين ذراعيه: الآن يا ربّ تطلق عبدك بسلام، بحسب كلمتك، لأنّ عينيّ أبصرتا خلاصك، ذاك الذي أعددته أمام جميع الأمم، نورًا ينجلي للشعوب" (لو 2: 27-32).

نور المسيح هو لنا نحن، لكلّ واحد وواحدة منّا، ليخرجنا من ظلمات الحياة: ظلمات الخطيئة والشرّ، ظلمات الحروب والنزاعات، ظلمات القتل والموت، ظلمات الظلم والاستبداد، ظلمات جهل المسيح وإنجيله الخلاصيّ.

5. ثمّ كان كلام نبويّ لسمعان الشيخ موجّه إلى مريم: "أمّا أنتِ، فيجوز بنفسك رمح، لتنجلي مضمرات قلوب الكثيرين" (لو 2: 35). إنّها نبوءة عن شراكة مريم بآلام المسيح الخلاصيّة لفداء البشر. فسقطت هذه النبوءة في قلب مريم التي راحت تتأمّل فيها وفقًا لحالات ابنها يسوع وما تحمّل من آلام نفسيّة وجسديّة، حتى وقفت عند قدميه مصلوبًا، وما زالت تتأمّل في نبوءة سمعان: كيف العالم حقد وابنها حبّ، كيف العالم ظلمة وابنها نور، كيف العالم مال ولذّة وابنها فقر وحرمان. كيف العالم كذب واحتيال وتجنٍّ وابنها حقيقة ووفاء وصدق" (راجع الأب يونان عبيد: يسوع موعد حبّ، ص 89-92)…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو في قداس الأحد الرابع من الدنح: المسيحي مدعو لحمل رسالة المسيح الى الاخرين

Next
Next

الصلاة من أجل وحدة المسيحيين في البطريركيّة اللاتينيّة القدس