الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة تضمّد جراح أبنائها بعد كارثة مرفأ بيروت في الرّابع من آب/ أغسطس

تحقيق ايليا نصراللّه

بعد أكثر من 100 يوم على زلزال بيروت يبقى الألم سيّد الموقف في المشهد اللّبنانيّ: عائلات مشرّدة، بيوت غير آمنة للسكن، فرص عمل غير متوفّرة، مدارس ومستشفيات غير جاهزة بشكل كامل... وانهيار مدوٍ يتجلّى بارتفاع في أسعار المواد الغذائيّة والضروريّة للحياة. إذْ، بادرت جمعيّات ومنظّمات وجهّات إنسانيّة كثيرة إلى مساندة اللّبنانيّين لا سيّما البيروتيّين الّذين لم تندمل جراحهم بعد. ما زالت بيروت تصرخ وجعًا وما زال أبناءها بحاجة إلى الكثير من الدعم في ظلّ ظروف اجتماعيّة واقتصاديّة وصحيّة صعبة. لذلك تستمرّ الأعمال الإغاثيّة ميدانيًّا لإنقاذ هذا الشّعب الجريح خصوصًا مع بداية فصل الشّتاء.

 بدوره يواصل مجلس كنائس الشرق الأوسط جهوده من أجل مساعدة أكبر عدد من المتضرّرين لأنّ الحاجة ماسّة اليوم على الأصعدة كافّة. فمن خلال اللّجنة المسكونيّة لإغاثة بيروت الّتي دعا إليها المجلس على إثر الإنفجار، يتعاون فريق عمله مع الممثّلين عن الكنائس الأعضاء لتنسيق عمليّة إسعاف البيروتيّين الموجوعين. وبالتّالي استطاعت كلّ الكنائس في بيروت، من خلال مبادرة المجلس وغيره من المنظّمات، أن تحضن أبناء رعاياها وتقف إلى جانبهم، ومن بينها الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة.

في ما يلي نسلّط الضوء على الأضرار الّتي لحقت بأبناء هذه الكنيسة في بيروت وعلى حاجاتهم وسبل مساعدتهم. السيّد سرج كرنبي، عضو اللّجنة المسكونيّة ممثّلًا الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة بتكليف من سيادة مطران السريان الكاثوليك في بيروت شارل مراد، ونائب رئيس الجمعيّة الخيريّة للسّريان الكاثوليك، يوضح لنا الصورة ويخبرنا كيف استجابت كنيستهم لهذه الكارثة، وكيف استطاعت مساعدة أبنائها من خلال التعاون مع المجلس.

استهلّ السيّد كرنبي حديثه مستعيدًا معنا ذكريات ذاك اليوم المشؤوم حيث كان متّجهًا إلى منطقة أنطلياس وتلقّى اتّصالًا علم من خلاله بوقوع الإنفجار. على الفور أراد العودة إلى بيروت وذلك مرورًا بمنطقتي جلّ الديب والدورة حيث بدأت مشاهد الرّعب تظهر أمامه. إذْ، استذكر معنا لحظات الذعر الّتي عاشها في طريقه واصفًا الدمار الهائل وشظايا الزجاج الّتي افترشت الأرض كما حال الناس الّذين وقعوا تحت هول الصّدمة...

تابع كرنبي لافتًا إلى الأضرار الّتي لحقت ببطريركيّة السريان الكاثوليك في المتحف وكاتدرائيّة سيّدة البشارة، كتحطيم لوحات النوافذ الزجاجيّة و الجداريّات... كما أشار إلى أنّ أبناء الكنيسة السريانيّة تضرّروا أيضًا جرّاء هذه الكارثة، منهم من أصيبوا بجروح طفيفة ومنهم من شهدوا خسائر عدّة. وأوضح أنّ العدد الأكبر من العائلات السريانيّة الكاثوليكيّة تسكن في منطقة الأشرفيّة وتتوزّع بين حيّ السريان، مجمّع مار افرام السرياني، الجميّزة ومار مخايل.  

أمّا بالنّسبة لحاجات أبناء الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة أجاب السيّد كرنبي أنّ الجمعيّة الخيريّة للسريان الكاثوليك أخذت على عاتقها مساندة 100 عائلة، من الفئات الأكثر عوزًا وفقرًا، شهريًّا على مختلف الأصعدة. وأضاف أنّ عقب انفجار بيروت ومع تدهور الظّروف الإقتصاديّة والإجتماعيّة، تواصل الجمعيّة جهودها لدعم المتضرّرين من خلال مساعدات ماليّة وتربويّة وعينيّة. كما شدّد أنّ الحاجة الأكبر اليوم تكمن في تأمين المساعدات الطبيّة كالأدوية وغيرها من المستلزمات، ومساندة الأهالي في دفع أقساط أولادهم المدرسيّة والجامعيّة الباهظة.

في هذا السياق نوّه كرنبي بالعمل الإنساني الّذي يقوم به مجلس كنائس الشرق الأوسط بالتنسيق مع أعضاء اللّجنة المسكونيّة، وأشاد بثمار هذا التعاون الملموسة ميدانيًّا واستعداد المجلس الدائم إلى تقديم الخدمات الإنسانيّة، قائلًا "الله يخلّيكن بهذه الهمّة، ونقدر نساعد كلّ المتضرّرين بقدر المستطاع". وفي هذا الإطار، رأى السيّد سرج أنّ عمليّة التعافي من تداعيات انفجار بيروت تتطلّب وقتًا طويلًا وحتّى سنين عدّة، ناهيًا حديثه " الله يهدّي البال ويعطينا إيّام مليئة بالاستقرار والأمان".

إذْ، يفتقد اللّبنانيّون اليوم إلى هذين العنصرين الاستقرار والأمان، فالخوف واليأس يهيمنان على حياتهم اليوميّة. لكن بارقة أمل تتجلّى في أكثر من صورة، فالأيادي البيض تستمرّ حتّى اليوم بتقديم مساعداتها معنويًّا وماديًّا كي يستعيد اللّبنانيّون رجاءهم وحبّهم للحياة، لذلك أبواب التبرّعات تبقى مفتوحة محليًّا ودوليًّا.

دائرة التواصل والعلاقات العامة

Previous
Previous

مجلس كنائس الشرق الأوسط يواصل رسالته الإنسانيّة في بيروت الجريحة

Next
Next

ما زالت تحقيقات انفجار بيروت غير دقيقة، فما جديدها؟