"المرأة والكرامة الإنسانيّة"
طاولة مستديرة من تنظيم مجلس كنائس الشرق الأوسط
الأمين العام د. ميشال عبس: المرأة هي الأسُس الّتي تُمسك بنيان حياة الإنسان. يسوع المسيح قد رسم مسار إعادة الكرامة للمرأة
في إطار سلسلة ندواته الشّهريّة، نظّم مجلس كنائس الشرق الأوسط طاولة مستديرة بعنوان "المرأة والكرامة الإنسانيّة"، يوم الخميس 27 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2022، في مقرّ الأمانة العامة في بيروت، بمشاركة متحدّثين من لبنان ومصر وفلسطين والاردن حضوريًّا وعن بُعد.
في جلستين من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الثانية من بعد الظهر تمحورت الكلمات حول التحدّيات الحقوقيّة والسياسيّة للمرأة في الشرق الأوسط، وشاركت فيها مجموعة من الأساتذة الجامعيّين والمتخصّصين وعدد من الطلّاب في مكاتب مجلس كنائس الشرق الأوسط أو تابعوا عن بعد إلكترونيًّا.
استُهلّت الطاولة المستديرة الّتي أدارتها د. لور أبي خليل بكلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس الّذي وصف فيها المرأة بأنّها الصبر والصمود والطويلة الأناة والأسُس الّتي تُمسك بنيان حياة الإنسان، لكن "هي الّتي كافأها الجنس البشري بشتّى النعوت وبشظف العيش وبالتمييز في كلّ الميادين... نشهد، منذ عقود، في لبنان والعالم العربي، تحوّلات جذرية في وضع المرأة على الصعد كافّة، وهذه التحوّلات هي نتيجة ديناميات مختلفة". وأضاف "يسوع المسيح قد رسم مسار إعادة الكرامة للمرأة منذ ذلك الزمان".
استهلّت الجلسة الأولى بمداخلة تحت عنوان "حقوق المرأة في لبنان: نظرة قانونيّة وكنسيّة (أرثوذكسيّة)" مع القاضي د. نسيب إيليا من لبنان الّذي عرض لمحة تاريخيّة حول نصوص الدستور اللّبناني الخاصّة بالمرأة وكرامتها إضافةً إلى القوانين والوثائق والأنظمة الّتي تمّ إعدادها في هذا الإطار. إضافة الى ذلك شدد الرئيس إيليا على نظرة المسيح الى المرأة وعلى دورها منذ المسيحية الأولى.
ولفت إيليا إلى أن الدستور اللّبنانيّ قد سلّم بالمساواة بين المواطنين، رجالًا ونساء، دونما تفرقة أو تمايز أو تفضيل بينهما لجهَّة الحقوق المدنيَّة والسياسيّة وإداء الواجبات العامَّة، ولو انَّه لم يضم عبارة صريحة وواضحة تكفل مبدأ المساواة بين الرجال والنساء على غرار العديد من الدساتير في العالم. وأضاف "غير انًّ تلك المساواة لم تتجسَّد بالقدر الكافي الذي شاءَه المشرِّع الدستوريّ في أكثر القوانين الوضعيَّة، فجاءت بعض التشريعات، حتى إلى زمنٍ قريب، تحملُ شيئًا من الإجحاف بحقِّ النساء".
وذكّر القاضي إيليا بأن لبنان قد أبرم الإتفاقية الدوليّة لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ومن منظور مسيحي أكد أن "ليس ثمَّة في المسيحيَّة في كافة مدارسها وعقائدها تفريق بين المرأة والرَّجل فقد "أرسل الله ابنه" لا مولودًا من رجل وامرأة بل "مولودًا من امرأة" و"مولودًا تحت الناموس".
"مولودًا من امرأة"، "أي رحم المرأة مأوًى للإله، هذا وحده يعظِّم المرأة، ويُصلح كل الأخطاء التي أورثها العهد القديم والأخطاء التي ارتكبها بعض التاريخ المسيحي بحقها". وختم "في المسيح يسوع كل منهما يحترم الآخر ويتعاون معه".
من ثمّ كانت مداخلة حول "الدور السياسي للمرأة المصريّة: الفرص والتحدّيات" مع د. سما سليمان من مصر الّتي أضاءت على واقع المرأة في مصر وحضورها في القيادة السياسيّة. كما تحدّثت عن التحدّيات الّتي تواجهها المرأة في البلاد وأبرز الاستراتيجيّات الّتي وُضعت لضمان حقوقها وصون كرامتها.
أمّا المداخلة الثالثة فكانت بعنوان "التحدّيات الوطنيّة والإجتماعيّة الّتي تواجه المرأة الفلسطينيّة" مع د. ريما نزال من فلسطين حيث سلّطت الضوء على هذه التحدّيات السياسيّة خصوصًا وسط استمرار الإحتلال والإستعمار والإنقسام الداخليّ في الساحة السياسيّة، والتحدّيات الوطنيّة الّتي لها خصوصيّة فلسطينيّة وأيضًا الإجتماعيّة الّتي لها طبيعة ديموغرافيّة حقوقيّة مشتركة مع الدول العربيّة.
تمحورت المداخلة التالية حول "وضع المرأة في القانون وصولًا إلى العدالة" مع د. بريجيت شلبيان من لبنان الّتي أضاءت على واقع المرأة والعدالة في لبنان في خضمّ الأزمات المستفحلة الّتي تعاني منها البلاد على مختلف الصّعد. كما تطرّقت إلى مسألة الوصول إلى العدالة والإستراتيجيّات الّتي اتُّخذت لحماية المرأة، إضافةً إلى أبرز القوانين الخاصّة بها.
بعد استراحة الغداء، كانت جلسة ثانية استُهلّت بمداخلة حول "راتب المرأة والافراج المؤجّل" مع د. سوسن جرجس من لبنان الّتي قدّمت عرضًا حول الدراسة الّتي أعدّتها في إطار موضوعها متّخذة مدرسة حيزوق الرسميّة كنموذج لها. كما استخلصت من قراءتها التحليليّة أنّ وظيفة التعليم هدف تسعى إليه النساء لأنّه يخرج بالمرأة من إطار دورها التقليدي كربّة منزل دون أن يضرب ركائز البنية البطريركيّة...
بعدها كانت مداخلة بعنوان "المرأة اللّبنانيّة ووهم المساواة، قراءة في التقسيم الجنسي للعمل المنزلي" مع د. هلا عواضة من لبنان الّتي عرضت مقدّمة لمقاربتها متطرّقةً إلى الدعم النسائي للمنخرطات في سوق العمل وانعكاس الأزمة الإقتصاديّة الماليّة على الترتيبات المهنيّة للنساء. هذا وقدّمت عواضة تعريفًا عن العمل وتعيينًا لحدوده الجندريّة، إضافةً إلى انخراط المرأة في سوق العمل.
المداخلة التالية كانت حول "التحدّيات الّتي تواجهها المرأة بين أمانة الأم وقضيّة الأمة" مع د. هيفا الإمام من لبنان الّتي عرضت سيرة بعض السيّدات ونضالهنّ والإنجازات الّتي حقّقتهنّ في ظلّ واقع عربيّ مضطرب.
انتهت الجلسة الثانية بمداخلة تحت عنوان "صيانة كرامة الإنسان من خلال تمكين المرأة: مركز عمّان لحقوق الإنسان نموذجًا" مع د. لبنى بايوق من عمّان الّتي تحدّثت عن دور المركز في تمكين المرأة والدورات الّتي ينظّمها بغية تعزيز قدرات السيّدات. أيضًا عرضت الإنجازات الّتي حقّقتهنّ المتخرّجات من الدورات والمواقع الّتي تمكّن من الوصول إليها.
واختتمت الطاولة المستديرة بجلسة أسئلة ونقاش بين المشاركين، حيث كان للأمين العام د. ميشال عبس كلمة أخيرة أكّد فيها على ضرورة مواجهة عصر الظّلمات الّذي نمرّ به عبر الصّراع بالكلمة والفكر لننتقل بالتّالي إلى عصر الأنوار، لذا تأتي أهميّة سلسلة الندوات الّتي يواصل مجلس كنائس الشرق الأوسط تنظيمها شهريًّا.