إنفجار مرفأ بيروت
في 4 آب /أغسطس، نحو السادسة مساءً، انفجر أحد العنابر في مرفأ بيروت ويحتوي كميّات كبيرة من نترات الأمونيوم. الانفجار الأولّ أعقبه انفجار ثان تسبّب بدمار شامل وأضرار هائلة وصلت على بعد أكثر من 20 كم من منطقة المرفأ. كما تضرّرت مئات المباني، بما في ذلك إهراءات الحبوب التي تخزّن حوالي 85 في المئة من إمدادات الحبوب في البلاد، وعدد كبير من الأحياء السكنيّة التي تضرّرت أو دمّرت بالكامل. ثلاث مستشفيات تابعة لمؤسسات كنسيّة خسرت عددًا من طاقمها التمريضي الذين سقطوا ضحايا الانفجار الهائل والأضرار الفادحة التي لحقت بها وهي التي تستقبل مرضى مسيحيين ومسلمين ولا تفرّق بين عرق أو دين أو جنسيّة. أيضًا تضرّرت مدارس تاريخيّة عدّة تابعة للكنيسة في الجميزة ومار مخايل والأشرفية جرّاء الانفجار وذلك قبل بداية السنة الدراسية المقبلة في أيلول/سبتمبر. كما تعرّض الحيّ المسيحيّ في بيروت للدّمار الشامل ودمّرت عشر كنائس على الأقلّ.
بيان مجلس كنائس الشرق الأوسط إلى كنائس العالم والشركاء لدعم بيروت المنكوبة وأبنائها
نداء مجلس كنائس الشرق الأوسط إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020 (المرحلة الأولى)
"يا ربّ، من يدحرج الحجر عن قلب بيروت الجريحة وقلوب المواطنين المتضرّرين؟"
يتناول العدد الجديد من النشرة الأسبوعيّة الإلكترونيّة Momentum الصّادرة عن دائرة التواصل والعلاقات العامة في مجلس كنائس الشرق الأوسط دعوة المجلس للصّلاة معًا في إفتتاح "أيّام موسم الخليقة" لهذه السّنة يوم الأحد 5 أيلول/ سبتمبر 2021 في الكنيسة الإنجيليّة الوطنيّة في بيروت. أمّا رسالة الأمين العام فجاءت هذا الأسبوع تحت عنوان " أثرياء الحروب وملكوت اللّه" حيث يتحدّث فيها عن كلّ من عمل بهدف أن يجني ثروة بطريقة غير مشروعة، عبر الحروب عامة، على حساب حاجات النّاس وكراماتها.
يتناول العدد الجديد من النشرة الأسبوعيّة الإلكترونيّة Momentum الصّادرة عن دائرة التواصل والعلاقات العامة في مجلس كنائس الشرق الأوسط بيان المجلس على إثر الإنفجار الّذي وقع في منطقة عكّار اللّبنانيّة. إضافةً إلى إصدار كتيّب "موسم الخليقة" لسنة 2021 الّذي قام المجلس بتعريبه للمرّة الأولى، وزيارة وفد من لجنة العدالة البيئيّة إلى سيادة المطران الياس عوده. أمّا رسالة الأمين العام فجاءت هذا الأسبوع تحت عنوان "اليوم العالميّ للعمل الإنسانيّ".
اليونيسف تحذّر: أكثر من 30% من الأطفال ينامون جائعين
"منذ ذلك الحين، ازداد الوضع سوءًا"، بهذه العبارات يصف المدير الإقليميّ لمنظّمة اليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تيد شيبان الظّروف المعيشيّة الّتي يشهدها لبنان اليوم. منذ تلك اللّحظة المأساويّة عند السّادسة وسبع دقائق وقعت عاصمة لبنان في قعر الهاوية وبات ما تبقى من هذا الوطن بانتظار الإنهيار المدويّ. فماذا حلّ بأطفال لبنان وماذا ينتظرهم؟
يتناول العدد الجديد من النشرة الأسبوعيّة الإلكترونيّة Momentum الصّادرة عن دائرة التواصل والعلاقات العامة في مجلس كنائس الشرق الأوسط مقابلات ومقالات نشرت في العدد الخاص من مجلة "المنتدى" والذي صدر في ذكرى مضي عام على انفجار مرفأ بيروت. من المقابلات لقاء حصري مع صاحبي السّيادة المطران الياس عوده وآخر مع المطران بولس عبد الساتر حول كارثة إنفجار مرفأ بيروت ودور الكنيسة في مواجهة تداعياته والوقوف الى جانب الاهالي المتضررين.
حاضرون في كلِّ مكان، فِرَقُ عمل الأمانة العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط.
منذ صُفع مشرقنا في تاريخه الصفعات الكبرى، إلى يوم عصفت ببيروت رياحُ الغدر والإهمال، فِرَقُنا حاضرة للقيام بما يمليه عليها واجبها العقيديّ والإنسانيّ.
في أعمال الإغاثة نحن حاضرون، وفي التأهيل كما في التنمية نضمّد جراح أهلنا وأبناء مجتمعنا.
حقيقة صاعقة أخرى، والمذنبون كُثًر
ولدت في لبنان، وعاصرت عهده الذهبي في الستينيات وأوائل السبعينيات عندما وصل الاقتصاد الى ذروته. كان العمل والمال متوفرًا للجميع، والحياة الثقافية مليئة بالفنون والحفلات غنية، امتلأت المسارح، وكانت معارض كبار الفنانين فخرًا وطنيًا، اكتظّت المطاعم بالناس وتنوّعت المازات على الطاولات مغريةً السوّاح من شتّى أنحاء العالم. جلست النساء المحجبات الى جانب اللواتي ترتدين الفساتين القصيرة، وسمع صوت المأذون يحادث جرس الكنيسة.
كاهن الرّعيّة: "الصّمود" كلمة العام ولا يمكن أن ننسى
100% من أبناء الرعيّة هجروا لكنّ الكنيسة بقيت الملجأ الآمن الوحيد لهم
ناجيات من الكارثة: "قتلونا وما حدا قال وينكن"!
قبل الساعة السادسة و7 دقائق عشية 4 آب كان مرفأ بيروت يُعدّ من بين أهمّ مرافئ الشّرق الأوسط ورئة يتنفّس منها لبنان ودول الجوار.
أيضًا، قبل تلك الدقيقة السابعة كانت كنيسة مار أنطونيوس البادواني المطلّة على الواجهة البحريّة، جارة المرفأ تغرق بين أشجار الحديقة حولها وكانت قبّة الكنيسة والصليب ملتقى العصافير وطابق أقرب إلى السماء.
ما زال عالمنا يشهد أحداثًا مؤلمة وتغيّرات في البنى الإقتصاديّة والإجتماعيّة والسياسيّة، والأثر المباشر لهذه الأحداث على الفئات المجتمعيّة الهشّة التي أصبحت تمثّل أكثر من 85 % من إجماليّ عدد السكان للبلدان التي ما زالت تعيش إطالة الأزمات على أراضيها أو التي تشهد تسارعًا في تدهور أوضاعها الإقتصاديّة والإجتماعيّة والسياسيّة، بما في ذلك جائحة كورونا التي أرسَت سلوكيّات جديدة في طبيعة حياة البشر وعلاقاتها الإجتماعيّة والأسريّة وسياسات التعليم الجديدة عن بعد وأثرها على الصحّة النفسيّة للطلاب وأدائهم التعليمي.
بيروت قِياميَّة
عام مضى وكارثة إنفجار بيروت تتفاعل وتكبُر عصيّة متفلّتة، لا ذاكرة تحتوي الألم الذي سببّته ولا ماض قَبِل أن يطويها. بيروت منذ ذاك الآب تصلّي باسم الآب للإبن والأخ والأخت والأمّ والطفل وربّ البيت الذي خرج إلى عمله ولم يعُد. 216 ضحيّة سلبت حياتهم في ثوان، آلاف الجرحى، مئات منهم نجوا مع إعاقات دائمة. أكثر من 80 ألف وحدة سكنيّة ومؤسسة تجاريّة، مدارس، مستشفيات ومواقع أثرية تشهد أن بيروت ست الدنيا من عمر الزمان، دمّرت.
على مدى 365 يومًا وأهالي الضحايا يصرخون من الألم يطالبون بالعدالة لأحبائهم كي لا يدفنوهم مرة جديدة بعد أن دفنوا أشلائهم التي إختلطت على إختبارات الـ DNA، مرّات.
إنّ مرور عام كامل على هذا الحادث الخطير وهو الإنفجار الهائل في مرفأ مدينة بيروت عاصمة لبنان الحبيب، في 4 أغسطس/ آب - عام 2020 بسبب مواد كيميائية ملتهبة ومخزّنة لوقت طويل ومعرّضة للتفاعل، والإنفجار بالصورة المرعبة التي شاهدناها عبر شاشات التلفزيون جعلت قلوبنا تسقط فينا ... وقتها اعتبرناها أزمة وحادثة مفزعة ستجعل أهل البلاد صفًّا واحدًا وقلبًا واحدًا أمام هذه الكارثة بكل أبعادها الإنسانيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة والحياتيّة.
فدائمًا الشعوب أمام الكوارث تتوحّد وتنصهِر في بوتقة واحدة أملًا بالخروج من الكارثة بأشدّ عزم وأكثر قوّة ... وكنّا نأمل ونصلّي من أجل لبنان الشقيق أن يقوم مما حدث وأن ينهض عفيًّا قويًّا ليبدأ رحلة إستعادة مجده وتاريخه وحاضره أملًا في مستقبل أفضل وأروع لكل بنيه...
بقلم الزميلة الإعلاميّة ملفين خوري
ناجية من إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020
هو ذاك الرابع من آب الذي كان من المفترض أن يكون يومًا عاديًّا، على الرغم من الظروف غير الإعتياديّة التي كنّا نعيشها على الصُعد كافة.
كنت في المنزل، في "المقرّ الآمن" لكلّ إنسان، ولم أكن أدري أنه حان للقنبلة الموقوتة أن تنفجر، وأن تودي بحياتنا جميعًا، شهداء وضحايا وجرحى ومنكوبين.
أرادوا من ذاك الرابع من آب أن يلطّخنا بالدماء والخوف واليأس والإستسلام. كيف لا وهم أبناء الظلام وأسياد عالمٍ لا يعرف الرحمة والإنسانيّة. ولكن، وإن تسلّلت تلك المشاعر السلبيّة لحين إلى نفوسنا، ها نحن قد خلعنا أثواب القلق والعجز، وها نحن اليوم أقوى، والإستسلام لا مكان له في قاموس حياتنا.
نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف: إنفجار مرفأ بيروت جريمة قصدّية
ولن نرضى بتيئيس اللبنانيّين
في أول ردّ فعل على مشهد جريمة العصر وكي لا يفلت المجرم من يد العدالة تقدّمت نقابة المحامين في بيروت بدعوى قضائية كمتضرّر من إنفجار بيروت وأنشئ مكتب إدعاء يرأسه نقيب المحامين ملحم خلف وتقرّر ان يتوّكل محامو لبنان عن كلّ من طالهم الإنفجار المجرِم.
وبتوجيه من النقيب تشكّلت غرفة عمليات مركزية ونقاط لتقديم الشكاوى توزعت بين أشلاء بيروت المغدورة لتقبُّل الشكاوى.
هم أوّل من رفع الصوت عاليًا عندما كانت الأصوات خابتة خائفة، فأرسلوا كتابًا الى الأمين العام للأمم المتحدة يطالبونه ببنود واضحة يؤمنون أنها ستسهم حتمًا في النضال لتحقيق العدالة وبتزويدهم بصور الأقمار الصناعية لكشف ما حصل عند تلك اللحظة بعد السادسة عصرًا.
القسّيسة د. ريما نصرالله من الكنيسة الإنجيليّة في بيروت:
نحاول معًا وبإيمان كبير تشجيع بعضنا بعضًا مُسَلّمين مصيرنا لربّنا يسوع المسيح
في 4 آب/ أغسطس الفائت تحوّلت السّعادة إلى تعاسة والأمل إلى يأس إذْ جاءت الكارثة لتكون ضربةً قاضيةً، وعلى الجميع. حتى الكنائس وقعت جريحة تصرُخ وجعًا على أبنائها. صحيح أنّها تعرّضت لإصابات وجروح خطيرة وبليغة لكنّها صمدت وبقيت الملجأ الوحيد الّذي بثّ القوّة والعزيمة وحمل النّاس من بئر الأحزان إلى منبع الرّجاء والطمأنينة والأمان لأنّه بالنّهاية ليس لنا معين سوى ربّنا يسوع المسيح فهو الّذي قال "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ" (متّى 11: 28).
الكنائس الإنجيليّة في بيروت تلقّت حصّة هائلة أيضًا من ذاك الزّلزال المشؤوم.
شارل مراد: كارثة 4 آب إختبار قاس إجتزناه بإيماننا وتعاضدنا
تضرّرت وتألّمت مع أبنائها، حزنت وبكت معهم في عمق المأساة، نهضت وبقيت متمسّكة برجاء المسيح. هي كنائس بيروت، بيت الله، الّتي كانت وما زالت ملجأ آمنًا ومصدر إيمان وعزيمة وسط كلّ المصائب والخسائر الّتي أحاطت بالمشهد اللّبنانيّ في 4 آب/ أغسطس 2020. تاريخ يحمل ذكرى الموت واليأس والكآبة والخوف... الّا أنّ الكنائس رفضت الإستسلام أمام الواقع وأصرّت على الإنتصار لأبنائها كما المسيح المنتصر.
كنائس بيروت هي أيضًا لم تسلم من الزّلزال المشؤوم ولحقت بها أضرار جسيمة على مختلف الصّعد. إضافةً إلى الخسائر البشريّة في صفوف أبنائها الّتي لا تُنسى.
لجنة إعادة ترميم وتأهيل أضرار إنفجار الرابع من آب 2020
أنهت مهامها بنجاح
جزء كبير من بيروت التي تقطنها غالبية أرمنيّة طالته عاصفة إنفجار بيروت في 4 آب/ أغسطس، وكان للكنيسة الأرمنيّة الأرثوذكسيّة دور أساس في تضميد جروح الرعيّة وإعادة ترميم ما هدمته الجريمة الأكبر في تاريخ لبنان. سيادة المطران شاهي بانوسيان مطران الأرمن في لبنان يروي لنا كيف بادرت الكنيسة ووقفت إلى جانب أبنائها.
بعد أيّام على الكارثة الكبرى التي ألمّت بالعاصمة بيروت يروي المطران بانوسيان تمّ تشكيل لجنة بمباركة قداسة الكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن لبيت كيليكيا برئاسة سيادة المطران شاهي بانوسيان مطران الأرمن الأرثوذكس في لبنان.
أملاك الكنيسة إن بيعت نزولًا عند طلب البعض لا تكفي لإنقاذ لبنان من الإنهيار
النّاس يلجأون إلى الكنيسة بإعتبارها أمّهم وبيتهم
بعد عام على الزلزال الذي فجّر بيروت، 131 رعيّة مارونية تشلّعت كنائسها وتحوّل كهنتها الـ 145 من خدّام للمذبح إلى فِرَق إسعاف وإغاثة، مِن المناصرة في الحياة الروحيّة إلى النضال لحفظ الكرامات والبيوت والحقوق... بعد عام نلتقي راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر لنسأله كيف ضمدّتم إصابات بيروت؟ وهل ما زالت الجِراح تنزف؟
رئيس اساقفة بيروت كان حذّر قبل أسابيع من 4 آب/ أغسطس أن لا يقين لديه أنّ من فجّر مرفأ بيروت سيُكشَف، وشدّد على مبدأ أن الدولة هي المسؤولة عن كشف الحقائق، لافتًا إلى أنّ اللبناني يبحث عن الأمان والكرامة ومن غير اللائق لأي إنسان أن يقاتل من أجل عُلبة حليب...
في مخطّط للتغيّير الديموغرافي لكنّنا لم ولن نسمح بذلك!
وجهه هو بيروت. وصوته الذي يصدح صباح كلّ أحد في كاتدرائيّة القديس جاورجيوس في بيروت هو أيضًا صوت بيروت. حتى وجع قلبه وحزن عينيه منذ 4 آب الفائت من وجع بيروت الشهيدة، ستّ الدنيا الثكلى الحزينة!…
بعيدًا من مواقفه المزلزلة ضدّ الحكّام غير المسؤولين، وضدّ الفساد والفاسدين، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، في القداس لراحة أنفس ضحايا إنفجار مرفأ بيروت قال "شبح الموت ما زال مخيّماً على بيروت وما زلنا نعيش في غموض مميت، فسنة انقضت على إنفجار المرفأ ولم تُكشف الحقيقة ولم يتوصّل المعنيّون إلى جواب فهلّ هي صدفة أم عملاً مقصودًا لمنع ظهور الحقيقة؟
يتصدّر العدد الجديد والخاصّ من مجلّة مجلس كنائس الشرق الأوسط "المنتدى" النشرة الأسبوعيّة الإلكترونيّة Momentum الصّادرة عن دائرة التواصل والعلاقات العامة في المجلس وحمل عنوان "بيروت في قلب الكنيسة، بيروت قياميّة!". أعدّت الدائرة هذا العدد إحياءً لذكرى إنفجار مرفأ بيروت حيث يضمّ، مقابلات حصريّة مع رؤساء كنائس بيروت ومقالات خاصّة تمحورت حول هذه الكارثة وتداعياتها إضافةً إلى دور الكنائس في قلب المأساة.
أصدرت دائرة التواصل والعلاقات العامة في مجلس كنائس الشرق الأوسط عددًا جديدًا وخاصًّا من مجلّة "المنتدى" الفصليّة لشهر آب/ أغسطس 2021، باللّغتين العربيّة والإنكليزيّة، حمل عنوان "بيروت في قلب الكنيسة، بيروت قيامية!". خصّصت الدائرة هذا العدد تحيّة لبيروت وأهلها في الذكرى الأولى لإنفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020.
في إطار الذّكرى السنويّة الأولى لكارثة انفجار مرفأ بيروت، وجّه الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط كلمة نُشرت في عدد خاصّ من مجلّة "المنتدى" الصّادرة عن دائرة التواصل والعلاقات العامة في المجلس؛ عرض فيها واقع اللّبنانيّين منذ 4 آب/ أغسطس 2020 ومستجدّات الظّروف المعيشيّة الّتي يمرّ بها لبنان اليوم. كما تطرّق إلى مختلف الجوانب الإنسانيّة الّتي هزّت العالم إضافةً إلى التبعات النّاجمة عنها.
في ذكرى مرور عام على إنفجار مرفأ بيروت المأساويّ الّذي وقع في 4 آب/ أغسطس 2020، توجّه قداسة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسيّة البابا تواضروس الثاني برسالة إلى اللّبنانيّين حملت عنوان "...بعد عام من الكارثة ...؟"، يحثّهم فيها على ضرورة التعاون والتعاضد معًا كشعب واحد من أجل تخطّي كلّ التداعيات والمصاعب النّاجمة عن هذه الكارثة في سبيل بناء مستقبل أفضل.
عشية ذكرى إنفجار 4 آب
تستذكر الضحايا والمتضرّرين وتدعو للصلاة لهم وللبنان
بيان صحفي
عقدت اللّجنة التنفيذيّة في مجلس كنائس الشرق الأوسط إجتماعها الدوريّ يوم الثلاثاء الثالث من آب/ أغسطس 2021 بواسطة التواصل عن بعد. حضر الإجتماع، إضافة الى أعضاء اللّجنة، الفريق العامل في المجلس في بيروت ودمشق وعمان والقدس والقاهرة، كما حضره ضيوف معنيون بعمل المجلس.
بعد صلاة الإفتتاح توقّف الحاضرون أمام فاجعة تفجير مرفأ بيروت الذي مرّت عليه سنة كاملة من دون الوصول إلى نتيجة تحدّد المسؤوليّات وتُحِّق الحق.
بعد نحو أسبوع، يعود 4 آب/ أغسطس المشؤوم وسواده الذي خيّم على بيروت ولبنان طيلة عام.
عام مرّ على انفجار المرفأ ولم تقدّم التحقيقات حتى الآن أي جديد أو معلومات رسميّة تبرّد قلب أهالي الضحايا والمتضرّرين. ولو لم نحصل على دعم العالم والمؤسّسات غير الحكوميّة لمواجهة هذه المرحلة المظلمة لكان بقي أكثر من 300,000 لبناني مشرّدًا ومهجّرًا من العاصمة المدّمرة وضواحيها.
وأهالي الضحايا: لا حصانات على دم أحبائنا
في إطار دعم المحقّق العدليّ بملفّ إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار في تحقيقاته مع المدّعى عليهم الرّافضين المثول أمام القضاء، دعت منظّمة العفو الدوليّة السّلطات اللّبنانيّة إلى المضي قدمًا وبشكل "فوريّ" في رفع الحصانات عن المسؤولين السياسيّين والأمنيين المُستدعين. لكن حتى اليوم، لم يوافق مجلس النّواب ووزارة الداخليّة والجيش اللبناني على طلبات بيطار برفع الحصانات عن ثلاثة نوّاب كانوا وزراء سابقين، والتحقيق أيضًا مع قيادات أمنيّة وعسكريّة أخرى.
مع اقتراب الذكرى الأولى لإنفجار مرفأ بيروت الكارثي، عقدت دول الإتحاد الأوروبي إجتماعات لمناقشة الوضع اللبناني المأساوي. بداية كان الحديث عن تشكيل فريق عمل تابع للأمم المتحدة لتنفيذ أعمال إنسانيّة في لبنان. لكن تمّ إلغاء الخطّة واستبدالها بالحلّ الأكثر تقليديّة الذي كان الغرب قد استخدمه خلال الأعوام الماضية ويتلّخص بعنوان: العقوبات.
تشير الأدلّة التجريبيّة حتى الآن إلى أنّ مثل هذا التكتيك ليس له فوائد تذكر، بحيث تؤكد المؤشرات أنّ السياسيين لم يغيروا في أدائهم. وبدلاً من الضغط على أصحاب القرار فإنّ الضغط ينصّب على الناس العاديين فيما يبقى الفاسدون في مراكزهم وتسلّطهم.
أعلن المحقّق العدليّ في قضيّة إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار مرّات عدّة أنّ مسار التحقيقات يقترب من نهايته وأنّه سيتمّ إستدعاء بعض السياسيّين البارزين. تثير هذه الخطوة بعض التساؤلات حول ما إذا كانت ستوجّه أصابع الإتّهام إلى سياسيّ مدعوم ذو علاقات مشبوهة، أو مجرّد إدانة رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال اللّبنانيّة حسّان دياب الّذي لا سنَد له يبدو وكأنّه سيصبح "كبش محرقة" في هذه القضيّة. تٌعتبر مبادرات البيطار الأخيرة وكأنّها تقع ضمن سلسلة المحاولات الّتي فشلت في تحديد السّبب الرّئيس لوقوع الإنفجار ومحاسبة المسؤولين عنه.
يعيش لبنان اليوم أخطر ظروف مرّ بها عبر التاريخ وعلى الصّعد كافّة، حيث تشهد البلاد حاليًّا إحدى أسوأ الإقتصادات في العالم. وذلك مع الأخذ بعين الإعتبار الحرب الأهليّة الّتي استمرّت 15 عامًا والّتي أدّت إلى عدد هائل من الضحايا وتسبّبت بأضرار إقتصاديّة وماديّة جسيمة.
جاء إنفجار بيروت الّذي يُعتبر من أكثر الإنفجارات الكارثيّة على كوكب الأرض ليوضح أنّ ثمّة أخطاءً قد تطيح بالبلاد وتؤدّي إلى إنهياره.
في 21 حزيران/ يونيو من كلّ سنة، تجتمع أفراد العائلات، آباء وأطفال، للإحتفال بعيد الأب. لكن لم يكن العيد هذه السنة بالنّسبة لبول نجّار سعيدًا كسائر الأعوام الفائتة. للمرّة الأولى حلّ عيد الأب من دون أن يحضن ابنته الوحيدة ألكسندرا الّتي تبلغ 3 أعوام لأنّها قُتلت جرّاء إنفجار 4 آب/ أغسطس الكارثيّ. عقب المأساة هذه، تعهّد نجّار بمواجهة الحكومة اللّبنانيّة عبر كلّ فرصة متاحة أمامه.
لم تأتِ تحقيقات انفجار مرفأ بيروت بأي نتيجة واضحة حتّى الآن، لذا عمدت 53 مجموعة من الأفراد والمنظّمات الحقوقيّة اللّبنانيّة، الدوليّة والإقليميّة، كما و62 شخصًا من النّاجين وعائلات الضحايا ورجال الإطفاء، إلى بعث رسالة مشتركة إلى الأمم المتّحدة تحثّ المسؤولين فيها على البدء بتحقيق دوليّ وشفّاف في هذه القضيّة.
جاءت الخطوة هذه بسبب البطء الّذي يتّسم به مسار التحقيقات القضائيّة والغموض الّذي يحيط به حيث لم يقدّم حتّى اليوم أي معلومة أو إجابة دقيقة إلى اللّبنانيّين والمجتمع الدوليّ.
10 أشهر مضت على زلزال الرّابع من آب/ أغسطس وكأنّ شيئًا لم يحدث، فالغموض ما زال سيّد الموقف على صعيد التحقيقات. روايات كثيرة وفرضيّات عدّة حول أسباب الإنفجار نُشرت في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، لكن من دون أي جدوى بل جاءت لتعمّق جرح اللّبنانيّين لا سيّما البيروتيّين منهم.
مشهد ضبابيّ ما زال يهيمن على مسار التحقيقات، فلا فرضيّات مؤكّدة ولا أدلّة ملموسة حتّى اللّحظة. علمًا أنّ التحقيقات هذه واجهت مطبّات عدّة لا سيّما توقيف مسارها لأسابيع وإحالة القضيّة إلى محقّق عدليّ آخر.